كتب : محمود عيد موسى حسان
تتوالى الشهور والأحداث ... فمنذ أن تولي الدكتور مرسي رئاسة الجمهورية ونحن نطالع صباح مساء أحواله وتصرفاته وقراراته ........ ونحن لا ننكر عليه بأي حال من الأحوال إخلاصه وحبه لوطنه وأمانته وصدقه ووفاءه قدر المستطاع وبعدما كنا في يقين تام بأنه غريق السياسة المصرية في أوائل شهر رمضان المبارك وأن التحديات صعبة أمامه وهو لا يستطيع المواجهة واتخاذ اللازم من القرارات القاطعة الحاسمة … وفي وسط أجواء الصمت والشحوب طلع علينا قرار إقالة رئيس المخابرات المصرية وقادة المؤسسة العسكرية وتبديلهم بآخرين ... لقد غمرتنا مشاعر الفرحة والسعادة الشديدة بالكاريزما الجديدة التي ظهرت وسطعت في سا مصرنا الحبيبة الولادة ......لقد كنا نستطلع القرارات في المواقع الإخبارية و نشرات الأخبار وكأننا نجتاز بها ماضىً بغيض إلى شمس جديدة تسطع علي سماء مصر ... وتمر من ذلك اليوم لحظات وأيام نرى فيها جهداً دولياً واضحاً وعودة إقليمية مصرية بامتياز وخاصة بملف حوض النيل والاهتمام بالشأم الأفريقي والشرق أوسطي والعربي بوجه عام ....... بل ونرى كل يوم تغير ملحوظ ورائع في قيادات الجهات الرقابية الحساسة وأذرع محاربة الفساد وناهبي المال العام
إلا أن التراجع والإنتكاسة الخطيرة في عودة مجلس الشعب والتراجع في إقالة النائب العام ألقت بظلالها الخطيرة علي القصور الذي يعانيه الرئيس في كاريزما هامة وحساسة وخطيرة للغاية بالنسبة لزعماء الدول ..... ألا وهي كاريزما الزعامة وحضور الشخصية وقوة الحجة الخطابية .... فضعف حججك رغم صدقك وعدم قدرتك علي المبادرة والإقناع والمواجهة .... جعل منك ممارساً وزعيماً هاوياً ... كما أن العمل السياسي والشعبي والعمل العام يجحد الهواة .... فلديك ضعف شديد في الكاريزما الهامة والخطيرة والتي لا تقبل القسمة علي اتنين .
أيها السادة / كم من محامي ضيع حق موكله من خلال تسطير مذكرات وصحائف غير منطقية وغير مرتبه وغير واضحة ولم يستعمل فيها المواد القانونية الشارحة ومنطقية الأحداث بل ولم يستطع إستقطاب مشاعر العدالة نحو حق موكله بصوته المفزع والعالي ...
وهنا نقول لسيادة الرئيس الذي نقدره ونحترم تضحياته بصدق لست أنت ما كنت أنتظره
لقد كنا ننتظر من الرئيس أن يتكلم بوضوح بعيداً وبعنفوان بدلاً من حالة الوهن السكوت والضبابية التي يعيشها مع الرأي العام في خطابه الأخير ويصدع بالحقائق قلوب وآذان وأفئدة الملايين من المصريين عن الحقيقة المرة في أزمة تراجع النائب العام ومراوغته
لقد كان لزاماً عليه أن يذكر وبوضوح ( أنه لم يصدر قراراً بنقل النائب العام دون استئذانه وموافقته بل وترحيبه ) إنها لحظات كانت الرئاسة المصرية فيها حريصة كل الحرص علي استئناف حالة الإستقرار العام وسط هيجان وغضب شعبي عارم من النائب العام قد يفتك بحياته ويفقد هذا المنصب هيبته ووقاره وشموخه
فلماذا لم يصارحنا بوضوح عن تراجع النائب العام بل وصدق شيوخ القضاة الذين اتصلوا به وعرضوا ( مساعدته ) ووافق النائب العام علي ذلك القرار بلهفة وبسكون قبل أن يتصل به - رفقاء السوء -لعدله عن موافقته وعدم تنفيذ قرار الرئيس لتفقد الرئاسة هيبتها لصالح متلاعب بالشأن العام !
فإذا كانت هذه أخلاق المروءة للرئيس ولشيوخ القضاة فلا بد أن تكون المروءة مع من يستحق .... لا أن توزع المروءة عبثاً مع من لا يستحق … فإن مصر في أحوج ما تكون لقائداً وزعيماً يفضح الألاعيب والأباطيل والفساد أمام شعبه ويواجهها في خطبة ويعرضها بمهارة قيادية للكافة ..
لقد تركت من خلفك جدلاً واسعا وسفسطة عقيمة من خلال المزايدات الفارغة والإهانات والمهاترات لشيوخ القضاة ومساعديك ومستشارينك
إنك في حاجة ماسة وخطيرة للساسة في قصر الرئاسة ومع كامل إحترامي لجميع القانونيين والخبراء العدول والمستشارين
فإن خوفك من دخول الساسة الفعليين حياتك الرئاسية … هو عامل ضعف خطير في الشخصية ….. فأنت تخشى من أن تغطي عليك كاريزما زعامة تخطف أفئدة وقلوب الملايين من المصريين ببراعتها وبراعة خطابها وسداد موقفها ومنطقية ردودها وقراراتها ……..فإنك برجوعك عن تنفيذ القرار الأخير فقد فتحت باباً لن ينغلق عن آفات القرارات وضعف تنفيذها لدرجة أن رئيس مجلس الشورى لا يستطيع من خلال منصبه إيقاف رئيس تحرير صحيفة قومية وإحالته للتحقيق رغم أنه تصدى لمعلومات كاذبة وخطيرة ويستهدف من ورائها تكدير الأمن العام ..فالقاضي يا سيادة الرئيس محرم عليه بعد تسطير قراره في القضية أن يراجعها حتى ولو تبين له أنه جاوزه الصوات أو ظهرت له مستجدات أثبتت له خطأه …. فممنوع علي القاضي مراجعة القرار الذي تم تسطيره مهابة وإجلالاً وحصانة لقراره …. حيث يدخل القرار في ما يسميه فقهاء القانون ( بحجية الأمر المقضي ) المنهي عليه تعديله أو الرجوع فيه …. حيث أن أحكام محكمة النقض الثابتة علي مر السنين تواترت علي حصانة القرار وقوته ونفاذه … حيث ينبثق من إحترام القرار هيبة القرار وهيبة مصدره ……لدرجة أنه يحكى عن قاضي أصدر حكماً بالحبس على محامي المجني عليه حيث أن إسمه متشابه مع الجاني وبعدما تبين له الأمر والخطأ لم يستطع إلا الإعتذار طالباً من المحامي لإستئناف الحكم والطعن عليه أمام محكمة الإستئناف ليشرح لها الظروف والملابسات
كما أن قرار الرئاسة المصرية هو قرار نافذ لا ينبغي أن يكون محاطاً بموائمات وإلتزامات أو حساسيات مواقف ومناصب وشئون
لقد أوهنتم قرارات الرئاسة المصرية وأوهنتم معها كل الشرفاء المحاربين للفساد والمتصدين للشأن العام الذين يعاونوكم علي المرحلة .إذاً فليس عيباً الآن أن نجد العريان محكوم عليه بثلاث سنوات سجن مشدد في حكم جنائي لكلام فارغ ولا عيب فيه ….وليس عيباً في ذات التوقيت أن نرى سلطان محال أيضاً لمحكمة الجنايات بتهمة إهانة رئيس نادي القضاة
وليس غريباً أن نجد البلتاجي محالاً لمحكمة الجنايات بتهمة قتل الثوار ونرى صبري نخنوخ مشفوعاً بالبراءة المعهودة
كما نرى الآن المتهمين بقتل الثوار من قطاع أمن الدولة اللواء. حسن عبد الرحمن ومجموعة قيادات الداخلية ورجب حميدة ومرتضى منصور وفتحي سرور …. متبخترين في شوارع وطرقات مصر الملطخة بدماء الشهداء والجرحى وآهات الثكالي .
عذراً سيادة الرئيس ……لا يوجد ساسة في قصر الرئاسة … وأنت لست الرئيس المنتظر --