كتب: محمود عيد موسى حسان
وبعد إنتهاء مرحلة الإنقلاب الأول علي شرعية الصندوق في قرارات إرتجالية من المحكمة الدستورية العليا هرول جميع السياسيين للإختباء وراء شرعنة قراراتها .. بل وهرول الإعلام المصري بكل أطيافه ليعزف لنا سيمفونية عزف جماعي ومنفرد لتصرخ بجميع المصريين ألا أيها المصريون جميعاً ...
إسمعوا واعوا ... يجب عليكم طوعاً أو كرها إحترام قرارات وليس أحكام الدستورية العليا الحاكم بأمرة علي رقابكم جميعاً ... شاء من شاء وأبى من أبى ... فتقدست أسماء وتباركت آلاء المحكمة الدستورية .. فمن جحد قضاتها فهو كافر .. ومن تجرأ علي ذكرها بسوء فهو فاجر .. حتي ولو جثمت علي رقاب المصريين جميعاً .. لتعلوا كآلهة فوق السلطات وتصبح الحاكم بأمره ولها صفات قدسية إستمدتها من صفات الله تعالي ...
فهي لا تسأل عما تفعل وهم يسئلون .. ولا معقب لأحكامها ولا راد لقضائها .. تجتمع وقتما تشاء لتحل المؤسسات الدستورية المنتخبة بل وتتغول علي جميع السلطات مجتمعة .. فتحل البرلمان وتطلق الرجل من زوجته إن شاءت .. ولا تسئلوا عن الإختصاص أو شرعية الصندوق أو الإرادة الشعبية ،،، فالإرادة الدستورية للمحكمة لها صفات الكمال .. وهي معصومة عصمة خاتم النبيين والمرسلين .. وفي سابقة خطيرة شذت فيه المحكمة عن المنوط بها في اختصاصاتها وما خوله لها القانون الدستوري وما تعارفت به أجيال وراء أجيال منذ لحظة نشأتها.. فتغولت علي السلطة التنفيذية لتنعقد خلال ساعات معدودة لتتحدى قرار الرئاسة بعودة البرلمان المنتخب ،،،
وهنا تدخل مصر في غيبوبة صراع بغيض تبدل من شرعية المحكمة إلي شرعية الرئيس
ليقود القضاء المصري معركة المواجهة مع مؤسسة الرئاسة في الوقت الذي كان الشعب ينتظر فيه الحصاد ؟ حصاد ما يزيد عن العشرين عشر شهراً من المعاناة الإقتصادية والإجتماعية
فمن حق هذا الشعب وقد آن الآوان له أن ينال ثمرة جهادة ليتحقق له مستقبل أفضل يسعى إليه ويحلم به .
والحقيقة هنا أنه حينما استشعرت مؤسسة الرئاسة بوجود إنقلاب ناعم عليها من دار القضاء العالي والمحكمة الدستورية العليا من كافة التصرفات والتصريحات علي مدار عشرون شهراً لاحقين للثورة المصرية
بل ولاحظنا جميعاً كشعب واعي ومدرك لطبيعة المرحلة بكافة أطيافة وقواه المدنية والثورية أن أركان الدولة العميقة التي كانت تحتمي بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة بعد ضياع فرصتهم بخسارة الفريق شفيق وسفره إلي دبي هارباً من المطالبة الجنائية
فلم تجد بداً أو ملاذا إلا دار القضاء العالي ونادي القضاة .. لتحتمى به .. ولم لا ؟ وهي تملك جميع أدوات القوة
1 - المال الوفير
2 - الإعلام 3
- المراكز المرموقة في أنحاء الدولة
4 - مخاوف الكنيسة المصرية من حكم أحد قيادات الإخوان
5 - مرشحي الرئاسة وقيادة دول الخليج العربي الذين فقدوا الأمل في كسر إرادة الرئاسة وخاصة
- بعد إعادة هيكلة الجيش المصري العظيم وتجديد دماءه وإقالة رئيس المخابرات
- النجاح الباهر الذي حققته القيادة المصرية في إدارة العدوان الغاشم علي قطاع غزة
- ثقة المجتمع الدولي في القيادة المصرية والتواصل معها وخاصة من الجانب الإسرائيلي
- ثقة صندوق النقد الدولي في الخطوات المصرية للإصلاح الإقتصادي وموافقته المبدئية
- بداية عودة مصر لدورها الإقليمي والدولي مع قدرتها علي توفير تدفقات مالية دولية
- يومياً محاكمات ومنع من السفر وترقب علي قوائم الوصول والتحفظ علي الأموال والممتلكات
ومن هنا بدا وللكافة حجم الخطر الداهم من نجاح الإخوان في السيطرة علي مفاصل الدولة العميقة والمنيعة .. إنها كالحصون المفخخة التي فخخت نفسها بالشرعية الفوضوية
لقد آلوا علي البلاد من أن تتنفس عبير الحرية وعبق الممارسة الديمقراطية .. وأرادوا ما يلي :
أولا : إسقاط كل المؤسسات الدستورية المنتخبة بإرادة شعبية ليسقطوا هذه الإرادة
ثانياً : إفشال التجربة الديمقراطية من الأساس لكي يلعنها الناس ويكفروا بها تماماً
ثالثاً : التشكيك في كل قرارات الرئاسة للتراجع عنها لإظهار مؤسسة الرئاسة ضعيفة
رابعاً : إنهاك وتعطيل الجهات الرقابية عن العمل واتخاذ اللاذم مع رموز فساد النظام السابق
وأصبحنا نتنفس حوارات ودعاوى أخونة الدولة - حكم المرشد - فساد الإخوان - أهلي وعشيرتي - سقوط الشرعية - تهجم علي الرئيس بالسب والقذف العلني وإمتهان مكان ومكانة الرئاسة - تسريب كم لا مثيل له في تاريخ الحضارات الإغريقية والفينيقية والهولوكوستية من الإشاعات والأكاذيب والإفتراءات علي مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمقروؤة والمرأية - محاولة إستعادة مشهد الثورة المصرية علي قيادة منتخبة - رفض الحوار والتعالي علي مؤسسة الرئاسة مع تصوير الرئيس بأنه فرعون جديد ومستبد ومتعالي
لقد تهاوت كل مفاهيم إستقلال القضاء المصري مع دخولهم المعترك السياسي
لقد دفنت كل مبادئ ميثاق الشرف الصحفي وضمير المهنة بكم الأكاذيب والإفتراءات المنشورة
لقد استدعتني كلمات عمارة يعقوبيان ... لقد أصبحنا في زمن المسخ وياللعجب من دولة تريد
فلقد جاد لنا الزمان باليوم الذي نرى فيه مؤسسة الرئاسة تلهث لعودة مجلس الشعب والنخبة ترفض ،،، تلهث لإقرار الدستور من خلال استفتاء شعبي وجمعية تأسيسية منتخبة ومتوافق عليها والنخبة ترفض ،،، إرادة الشعب تدهس تحت الأقدام ويحل محلها فوضى الإعتداء والقتل للأبرياء واقتحام مقرات الأحزاب دون أي إدانة أو تعليق من النخبة ؟ عن أي نخبة تتحدثون ؟؟؟؟؟
لقد طالعتنا نتائج الإستفتاء بأن شعب مصر هو النخبة ...... تحية خالصة لشعبنا العظيم بدستوره الخالد