كتب : محمود عيد موسى حسان
في ظل حكم ظالم لمصر منذ ما يعدوا عن الستين عاماً سريعاً ما تستفيق علي تغير خطير وملحوظ في الشخصية المصرية الأصلية ...... فلقد كانت السمات المصرية تعج بفضائل الأخلاق ومنها الكرم والنخوة والشرف وإحترام وصون الأعراض والإعتزاز بالذات وعدم تقبل الإهانة والقدرة علي التواصل والتكافل الإجتماعي والتسامح الخلقي و التسامح الديني إلا أنه وبعد الحكم العسكري
الذي أثرى الحياة المصرية بإنتكاسة خطيرة في ملامح السمة الرئيسية للشخصية المصرية وهنا قد غاب دور ومؤشر علماء الإجتماع نظراً لفقر المجتمع المصري بعلماء الإجتماع وبالتالي فقره في رصد مقومات الشخصية المصرية ومتغيراتها الذمنية ... فإن مشاعر القهر والظلم والإستبداد وإنعدام الحرية وعدم القدرة علي التوازن والإبداع ورفض الفن بعد إبتذاله مع الكبت الجنسي وراء تقاليد مجتمعية بغيضة وبالية وتأخر سن الزواج وإهتزاز روح ونبض المشاعر الصادقة مع حب الذات وتقديمها وإرتفاع حظوظ النفس فيها ..... قد أدى بنا إلي ما نحن فيه من حالات الإكتئاب ورفض الذات والهرولة والهروب من المجتمع ... وليس أمامنا طريقاً سوى الرجوع إلي مقومات وسمات الشخصية المصرية في الأربعينيات وهي الشخصية التي ذابت خيالاً مع شعر شوقي واحتوت أدبيات إحسان عبد القدوس وتسامح دعويات البنا والباقوري والقاضي حسن الهضيبي ووطنية الوفد سعد زغلول والنحاس باشا وكوميديا نجيب الريحاني ورومانسية موسيقار الأجيال عبد الوهاب وروعة قراءات شعيشع وعبد الباسط والمنشاوي وحماسة ورصانة مصطفى كامل
بالفعل لقد فقدنا تكافل الشخصية المصرية التي لم يكن لها أن تبيت إلا بالسؤال عن الأهل والأحباب والجيران وقد تواترت أسبوعياً بينهم الزيارات وجمعتهم المناسبات والمساعدات والتي تجسدت من خلال عادات عرفية ألفها المجتمع المصري وتعود عليها في أفراحه وأحزانه .... فكان مألوفاً لنا طبخ ثلاثة أيام للجار الذي في بيته عزاء ومشاركته في المناسبات جميعها حتى أنك تجد فرحة الشارع بخطوبة إبنتهم وتجهيزهم للبيت لاستقبال الخطيب بل وتجمع البنات لتجميل العروس وتجهيزها .... أذكر كل هذه الصور التي جمعت العشوائيات والريف قبل الحضر ... فلم نكن يوماً بهذه القسوة والخشونة والرعونة وعدم إستيعاب لبعضنا البعض والأنانية وحب الذات بل وقد ظهرت لنا نماذج للأسف مثلت لنا البطولة أحياناً وهي مريضة بالمشاكسات والمعارك وحب الإنتقام فأصبح نماذج اليوم عكاشية ونخنوخية بإمتياز