كتب : محمود عيد موسى حسان
لم يكن الإخوان المسلمون يوماً حين تأسست الجماعة 1928 م حزباً سياسياً مشتغلاً بالسياسة على الإطلاق .. بل احتفظ لها الإمام حسن البنا رحمه الله بطابعها الدعوى والتربوى فكان فذاً وبارعا وكان بين أنصاره ومريديه مربيا فاضلا ومرشدا وهادياً لطريق الله وقد إكتملت له من روائع الصفات الحسنة والأخلاق الكريمة ما لم تكتمل لغيره بعد ميراث النبوة إلا قليل .. فأنشأ جماعة أبهرت العالم أجمع بنظامها وقوة بنيانها وبتضحياتها وقد كان لحسن البنا من الفنون القيادية والبراعة الخطابية ما يحشد الآلاف من الشباب والشيوخ من المقاهى والمحافل والمدارس والمصانع فاهتم بالطلاب وكتب لهم رسالة خاصة من رسائله كما اهتم بالشباب وكتب لهم رسالة خاصة أيضاً .
. وليقدم نموذجا فريدا من العطاء والبذل والتضحية والفداء ولقد كان لدعوة الإخوان المسلمون ومؤسسها حسن البنا بشهادة حق ما يجعلنا أن نذكرها بأنها أبرع ما أنتجته الحضارة الإسلامية من جماعات وتنظيمات للعمل الإسلامى .. وقد ذكر عمر التلمسانى وهو مرشدها الثالث وهو يذكر مفاضل الجماعة وأوجه تميزها وأنها اهتمت بالشأن العام دون أن تخلط بين العمل الدعوى والعمل السياسى بامتياز وعلى ذلك .. ظلت جماعة الإخوان المسلمون على مر التاريخ المصرى ذات التأثير الكبير والرائع على أوجه الدعوة الإسلامية فى مصر والعالم الإسلامى وما جعلها مقصداً لكل راغب فى الدعوة والإرشاد الدينى على مستوى العالم وما جعل منها محط أخطار الشرق والغرب وتناولت الضربات تلو الضربات والطعنات تلو الطعنات على مدار تاريخها لخطورة أهدافها ولدقة تنظيمها وبراعة لوائحها.
. لقد كانت لجنازة مرشدها الخامس مصطفى مشهور المهيبة والتى جعلت نظام مبارك ترتعد فرائصه من الأعداد الغفيرة والحشود المهيبة مما يجعل لدية الإصرار فى القضاء على شعبيتها .. ولكن كيف له بذلك وهى لها فضل فى كل نجع وقرية ومركز ومدينة من يعمل لنصرتها ليل نهار .. ويحافظ عليها وعلى سمعتها وشعبيتها بين الناس ويضحى من أجلها بالغالى والنفيس ؟؟ وإذا ما رأيت القيادات السياسية لجماعة الإخوان فى هذه الآونة يتضح لك أن الأجيال العظيمة الرائعة الفذة قد توارثتها أجيال متواضعة فى الإمكانات الدعوية بل والسياسية فلا هم حافظوا على الإتجاه الدعوى للجماعة والذى كان له بالغ الأثر فى انتشارها بين ربوع العالم كله .. ولا هم فى ميدان السياسة محنكون لهم من البراعة والقدرة الإقناعية على لم الشمل وتوحيد الصفوف وتوجيه دفة الأمور إلى مافيه خير البلاد والعباد .. ولقد كان لتأسيس الحزب وتكوينه من داخل صفوف الجماعة بالغ الآثر السئ على مصداقيتها وسمعتها فى الشأن العام المصرى .
لاختلاف جوهرى بين مفاهيم الجماعة فى والتربية والتكوين وبين عالم السياسة وفن الممكن .. لقد جائت الثورة المصرية لترفع الجماعة إلى سدة الحكم فى مشهد سياسى بالغ الإضطراب والسوء خسرت فيه وجهها الحسن بتاريخها البديع ورجالاتها الثقات من خلال عدة قرارات تأرجحت بين الدعوة والسياسة وبين عدة رجال تأرجحوا بين القيادة الدعوية وبريق العالم السياسى .. فخسرت الجماعة من عناصر شبابها ورجالها المبدعون وتأرجحت عناصر العمل والقوة فيها تأرجحاً ينذر بالمجهول
ولقد كان لحرصنا على الجماعة التى تركت مجال الدعوة ولهثت هذة الآونة وراء صندوق الإنتخابات ما يجعلنا قلقين بالغ القلق على تاريخ الجماعة المهيب .. فهذة الجماعة هى جزء من تكوين الشعب المصرى والتاريخ المصرى المعاصر ولها باع فى الحركة الوطنية المصرية وأذرع وإنتشار دولى كان كفيلاً بأن يحافظ عليها محط أنظار العالم دعوياً ودينياً وراعياً للدعوة والإرشاد الدينى دون الخلط بين طبيعة العمل الدعوى والعمل السياسى راجين لهم أن يحافظوا على تاريخ وقامة الجماعة دون أن تتلوث بويلات العمل السياسى وهى من قدمت للعالم عمالقة كالراحل سيد قطب ومصطفى مشهور والتلمسانى وأحمد ياسين والقرضاوى بأن ينحصر عنها أجيال تحيد بها عن جانبها الأساسى ودعوتها التى أضائت للبشرية فى القرن العشرين معالم على الطريق فى ضوء أنها دعوة دعاه لا قضاه.