يحرص الإسلام على استقرار الأسرة المسلمة ، وعقد الزواج يعقد للدوام والتأبيد إلى أن تنتهى الحياة، ليتسنى للزوجين أن يجعلا من البيت ملاذاً يأويان إليه، وليتمكنا من تنشئة أولادهما تنشئة صالحة.
ولكن قد يحدث الشقاق والخلاف بين الزوجين، ويصل الأمر إلى الطلاق.. وهنا تتبادر للأذهان العديد من الأسئلة : متى يقع الطلاق؟ وهل هناك فرق بين صيغ و إرادة الطلاق وبين الحلف بالطلاق؟ وأخيراً.. هل يقع الطلاق بعيداً عن المرأة ؟ الإجابة عما سبق فى السطور التالية.
فضيلة الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر يقول مجيباً عما سبق: الطلاق فى اصطلاح الفقهاء هو “رفع قيد النكاح فى الحال أو المآل بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه وهو أحد فِرَق النكاح”. وللطلاق حكم من جهة إباحته وهو عدم الإكراه على حياة فيها الشقاق والخلاف بين زوجين، لأن الهدف من الزواج هو المودة والرحمة والألفة والنسل الصالح. وقد قال المولى عز وجل فى كتابه الكريم:
(وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا). ومن المعروف أن من يملك حق الطلاق الزوج، وأن محل الطلاق الزوجة، وأن الركن الركين فى الطلاق هو “الصيغة”. ويشترط فى المطلق أن يكون زوجاً وبالغاً وعاملاً مع القصد والإختيار، إلا أن هناك أحوالاً محل اختلاف فى إيقاع الطلاق بين الفقهاء مثل المخطئ والغضبان والسفيه والمريض مرض الموت . وفيما يتعلق بصيغة الطلاق فنية وقوع الطلاق باللفظ. وهناك تفصيلات فى أنواع الطلاق الصريح والكنائي، وتفريعات فى الطلاق البائن، والطلاق الرجعي، والبينونة الصغري، والبينونة الكبري، والطلاق المنجز، والطلاق المعلق.. إلى آخره، وفى كل الأحوال لابد من فهم أن الطلاق مع أنه ضرورة كحل بعد استنفاذ وسائل الإصلاح وللأسف فإن غالبية الناس لا يدركون أن الطلاق هو الحل الأخير وليس الحل الأول ، لقلة التفقه بالشرع، ودليل ذلك ما قاله المولى عز وجل فى كتابه(وَاللاَّتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ ). (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) هذا ويجب فهم أن المولى جل شأنه سمى سورة كاملة ألا وهى سورة (الطلاق).. وهى أكثر السور التى ذكرت فيها التوصية بتقوى الله وبمراعاة حدوده، ومن التحذير من الظلم، وفى هذا كله تربية قرآنية للمطلق ليكون على بينة من هذا الأمر ولا يتساهل فيه.ونذكر هنا نموذجاً مما جاء فى سورة الطلاق فى قوله جل شأنه(ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا). وهذا الهدى القرآنى ينبغى أن يسود فى ثقافة إرادة الفراق، فليس الطلاق بالأمر اليسير،وكما قالت العرب «آخر الدواء الكي»..فآخر وسائل التقويم والإصلاح الأسرى «الطلاق».
وهناك مشكلة معاصرة لموضوع الطلاق ينبغى على المؤسسات العلمية والتوعوية التنبيه عليها، ألا وهى الفروق الجوهرية بين صيغ و إرادة إيقاع الطلاق، وبين الحالف بالطلاق.. فالأولى كقوله (أنت طالق).. فهذه صيغة صريحة كاشفة عن الإرادة، ويقع بها الطلاق دون حاجة إلى نية، لأنه فى فقه المعاملات يكتفى بالصيغة الكاشفة عن الإرادة. أما الحلف بالطلاق، وهو وباء استشرى فى مجتمعنا الآن، مثل لجوء زوج ضعيف الشخصية أو استهان بالشرع، فيهدد ويتوعد بألفاظ الطلاق مثل قول العوام من الناس»إن خرجت فأنت طالق»..أو «إن لم تفعلى كذا فأنت طالق».. ويقول هذا للإرغام على فعل شيئ أو الإمتناع عنه، ثم يريد أن يتحلل منه، وتمتلئ قاعات الإفتاء بما لا يقل عن 80% من هذا النوع المسيئ المعيب من طالبى الفتاوي، ويلجأ المفتون غالباً إلى إيجاد المخارج من تحويل هذا الكلام إلى اليمين، ويُفدى بالكفارة المعروفة. لكن ينبغى الوضع فى الإعتبارــ مع صحة ما يفتى به من يفتى فى أن الحلف بالطلاق يعتبر يميناً لما جاء فى الفقه المالكي، وما عليه أهل مصر أنهم يقسمون بالطلاق يريدون اليمين بالله كالفعلة والشغلة، فيُحمل على اليمين بالله، وقريب به ما قاله الحنفية، ومع ذلك فإن فاعل ما سبق قد أساء إلى الشرع وحمل نفسه وزراً لأنه استعمل ألفاظاً شرعية فى غير موضعها مصداقاً لقوله تعالى (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه).
أما عن وقوع الطلاق بعيداً عن المرأة فهو يقع ويكون صحيحاً. ويشترط علمها فقط بإحدى الوسائل القانونية أو المتعارف عليها.
توقيع العضو : Adel Rehan |
# اللعبة أن نثير العوآطف نحونآ , وبعدهآ تؤمنون بنآ , فلآ مجآل للصدفة فالقوآنين تجبركم على الاختيآر !!! A d e l R e h a n || 2014 - 2015 || E L M A S R Y Y . C O M |