أهلاً وسهلاً بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه
من رحمة الله بعباده أن جعل فعل الخيرات يكفر الذنوب السالفة، وأن الحسنات تمحوا السيئات، قال الله تبارك وتعالى: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات}. روى البخاري في صحيحه عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قُبْلَة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنـزل الله: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} فقال الرجل: إلي هذا يا رسول الله؟ قال: ((لجميع أمتي كلهم)). إن الإنسان في هذه الحياة قد ابتلي بالشر والخير، والسراء والضراء، وزين له حب الشهوات، فلا يزال قلبه متعلقًا بالدنيا وزخارفها، يحب جمع المال وكنزه، إن أصابته سراء فرح، وإن أصابته ضراء جزع، فرحم الله الخلق بأن جعل حسناتهم تكفر سيئاتهم، وأن أعمالهم الصالحة تمحو أعمالهم الفاسدة، فالناجي من غلبت حسناته سيئاته، والهالك من غلبت سيئاته حسناته. إن أعظم الحسنات المكفرة هي هذه إن الحسنات يذهبن السيئات
الصلاة، التي تصلك بربك، وترفع الحجاب بينك وبينه، فهذه الصلوات الخمس، وما ألحق بها من التطوعات من أكبر الحسنات، وهي مع أنها حسنات تقرب إلى الله، وتوجب الثواب، فإنها تذهب السيئات وتمحوها، فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: كنت إذا سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وإذا حدثني عنه أحد استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من مسلم يذنب ذنبًا، فيتوضأ ويصلي ركعتين، إلا غفر له)) رواه الإمام أحمد، وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان: أنه توضأ لهم كوضُوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله يتوضأ، وقال: ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))، وفي الصحيح عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرًا غَمْرًا يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يُبقي من درنه شيئًا؟))، قالوا: لا يا رسول الله: قال: ((وكذلك الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الذنوب والخطايا))، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكَفِّرَات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر))، وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه)). قال: قلنا: وما بوائقه يا نبي الله؟ قال: ((غشه وظلمه، ولا يكسِبُ عبد مالا حراما فينفق منه فيباركَ له فيه، ولا يتصدق فيقبلَ منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زادَه إلى النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكنه يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث))، رواه الإمام أحمد بسند ضعيف.
إن الحسنات يذهبن السيئات إن الحسنات حين يفعلها العبد بإخلاص فإنها كالماء العذب يرد على القلب، فيحيا بها، وتزهر منابت الخير فيه، فلا يزال هذا النهر العذب يسري في عروقه، حتى تجف منابع الشر، فتتحات سيئاته وتتساقط كما تتساقط أوراق الشجرة اليابسة التي قطع عنها الماء، واجتثت من الأرض،
عن أبي عثمان قال: كنت مع سلمان الفارسي تحت شجرة، فأخذ منها غُصْنًا يابسا فهزّه حتى تحاتَّ ورقه، ثم قال: يا أبا عثمان، ألا تسألني لم أفعل هذا؟ فقلت: لم تفعله؟ قال: هكذا فعل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه تحت شجرة، فأخذ منها يابسًا فهزه حتى تحات ورقه، فقال: ((يا سلمان، ألا تسألني: لم أفعل هذا؟))، قلت: ولم تفعله؟ فقال: ((إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى الصلوات الخمس، تحاتت خطاياه كما يتحات هذا الورق))، رواه أحمد بسند ضعيف، وهو حسن لغيره.
ولقد كانت وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه أن يتبعوا الفعل السيئ بفعل حسن، فعن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا معاذ، أتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن))، وعن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أوصني. قال: ((إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها))، قلت: يا رسول الله، أمن الحسنات: لا إله إلا الله؟ قال: ((هي أفضل الحسنات))، رواه الإمام أحمد بسند ضعيف، ولكنه حسن لغيره.
إن الحسنات يذهبن السيئات وذكر الله من أعمال الخير، وهو من الحسنات التي تمحو السيئات، فطوبى لمن وفق لعمل الخير، ومحا سيئاته بصالح أعماله. والسيئات التي تكفرها الحسنات، هي صغائر الذنوب، وأما الذنوب الكبار، كالشرك بالله، وعقوق الوالدين، والزنا وشرب الخمر، والربا، وأكل مال الناس بغير الحق، فلا بد فيه من توبة خاصة، وحقوق العباد لا بد فيها من الأداء أو الإبراء، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصلاة الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر))، ويؤيد هذا ويشهد قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا}، فبادري أختي إلى محو سيئاتك بأعمال صالحة، وتوبي إلى ربك من كبائر الذنوب، واعلمي أنه يفرح بتوبتك، ويثيبك عليها بأن يبدل سيئاتك حسنات.