من أجل هذا نناقش مشروع الدستور قبل طرق الاستفتاء ليعلم الناس حقائق الأمور وما يتضمنه هذا الدستور من نصوص, وليعلم الجميع أن هذا المشروع ليس نهاية المطاف فهو يجسد اجتهادات لجنة الخمسين التي حاولت بكل الروح الوطنية أن تصنع دستورا يليق بمصر وشعبها.
إن هذا الدستور في مجمله قضي علي تقديس بعض الكيانات السياسية وتمكن من إحداث تغيير في معالم الخريطة السياسية مستقبلا لأنه ألغي مجلس الشوري ونسبة العمال والفلاحين, وجاء في مجمله معبرا عن مطالب الناس. فهذا ما أكده المستشار أحمد الخطيب بمحكمة استئناف القاهرة. حيث يري أن موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي اختيار وزير الدفاع لمدة8 سنوات مقبلة تأتي متفقة مع الظروف السياسية التي تمر بها البلاد وحالة الاستقطاب السياسي, وفي ضوء طبيعة عمل القوات المسلحة فإنه يجب الحفاظ عليها كيانا واحدا, ولأنه الأول والأخير لمصر بعيدا عن سيطرة الاحزاب أو مرشحي الرئاسة التي قد تختلف توجهاتهم الايدلوجية, فضلا عن أن طريقة اختيار وزير الدفاع ليست هي الوحيدة في الدستور, فالنائب العام يتم اختياره عن طريق المجلس الأعلي للقضاء حرصا علي عدم تبعية العدالة إلي السلطة التنفيذية, وبالتالي فان مشاركة المجلس الأعلي للقوات المسلحة في اختيار وزير الدفاع ليست بدعة, وإنما هي ضرورة فرضتها الظروف الحالية التي تمر بها البلاد.
وأكد الخطيب أن هذا النص جاء ليتعامل مع القوات المسلحة من منظور موضوعي بعيدا عن الاشخاص ولا يجوز المزايدة مطلقا علي ذلك النص لأنه جاء ليحقق المصلحة العامة, ويحفظ الجيش كنسيجا واحدا وكتلة واحدة حتي يكون قادرة علي مواجهات أعداء الوطن في الداخل والخارج, ولأن تسييس الجيش يجعله في مرمي نيران الصراعات الداخلية ويتحول ولاؤه من الوطن إلي الحزب, وهو ما يتعارض مع طبيعة تلك المؤسسة الوطنية.
نعم للدستور
أما المستشار ـ عمر القماري رئيس محكمة شئون الأسرة فيؤكد أن هذا الدستور يليق بمصر وأنه جاء متضمنا ومعبرا عن جميع مطالب وفئات الشعب وهي مواد جيدة جدا في مضمونها وحقق للشعب أكبر قدر من الحريات والحقوق, كما أنه وضع كل الضمانات الحقيقية لاستقلال القضاء وجميع الهيئات القضائية الاخري, وهو ما ترجم مطالب الثورة في استقلال القضاء.
إلغاء الكوتة
أكد مختار نوح ـ عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ـ أن هذا الدستور أفضل من دستور2012 برغم أنه لم يحقق كل الآمال نظرا لكثرة الضغوط علي اللجنة والمطالبات غير المبررة إلا أنه في النهاية اتسم بعدة سمات أساسية وأهمها: أنه ضيق من اختصاص القضاء العسكري في محاكمة المدنيين علي عكس الدكتور مرسي الذي أطلق العنان للقضاء العسكري. وكذلك جاء أكثر تحديدا في العلاقة بين البرلمان والسلطة التنفيذية وان كان قد وقع في بعض التفاصيل التي يصعب تطبيقها في المستقبل. مشيرا إلي إن الدستور باعتراف واضعيه ليس هو الدستور الأفضل وأن المستقبل يتسع لأكثر من ذلك.
منوها إلي أن الدستور ألغي مجلس الشوري وجاء ذلك تعبيرا عن رغبة الثورة. و لم يستجب الدستور لنظرية الكوتة البدائية والمخالفة للقانون التي لا توجد إلا في المجتمعات المتخلفة.
واكد ـ مختار نوح ـ ان التصويت علي الدستور ليس بهدف الدستور فقط, وإنما التصويت عليه الآن لاثبات صحة ما جاء به الشعب في30 يونيو.
حوار مجتمعي
ودعت نقابة علماء مصر جميع اعضائها إلي التصويت علي مشروع الدستور بنعم مؤكدة ضرورة أن يلتف الجميع حول راية الوطن, وهذا ما أكده لنا الدكتور عبدالله سرور عبدالله ـ وكيل مؤسسي النقابة, مشيرا إلي أن النقابة قد اصدرت صباح أمس بيانا تناول مواد مشروع الدستور وبصفة خاصة المواد المتعلقة بالعملية التعليمية والبحث العلمي.
وتري النقابة أولا ان الدستور حدد نسبا مئوية من الدخل القومي للانفاق علي التعليم العام والعالي والبحث العلمي وبالقطع فان هذه النسب هي من صافي الدخل القومي المنهك والمتراجع, وبالتالي فهي نسب غير محددة, وايضا لم يحدد النص الدستوري توجيه هذه النسب لتطوير التعليم والبحث العلمي.
ثانيا ـ نص مشروع الدستور علي استقلال الجامعات في عبارة إنشائية مائعة فلم يحدد للجامعات ميزانيات مستقلة ولم يرفع عنها يد السلطة التنفيذية ولم يطلق يدها في شيء مما كبلته به الانظمة المستبدة المتتالية, ولم يرفع عنها ايضا أثر ما ناضلت لدفعه أكثر من نصف قرن من الزمن وهذه جميعا عناصر اساسية لتحقيق استقلال الجامعات.
حاسمة
وتطالب ـ انتصار السبكي الباحثة في العلوم السياسية في جامعة القاهرة ـ النظر إلي نصوص الدستور بعين المتخصص وليس بعين الخبير الفاهم في كل شيء أو الخبير المدعي العلم الفاهم في كل شيء, ذلك لأن المرحلة التي تمر بها البلاد جد خطيرة جدا تطلب من الجميع التكاتف والبعد عن جماعات الاستقطاب السياسي, وما تبثه من شائعات من شأنها تدمير الوطن وتعطيله والعودة به إلي الوراء.. مشيرة إلي أن دستور1923 قد صنعه50 عضوا ايضا, كما أننا ننتظر من أعضاء مجلس النواب الجديد, وحاكم مصر المقبل ان يترجموا لنا هذه النصوص في قوانين جيدة تحقق أهداف الثورة والشعب علينا جميعا أن ندخر الجهد والنضال إلي مرحلة سن القوانين التي تترجم نصوص هذا الدستور الذي يجب علينا جميعا أن ندعمه لأنه دستور الثورة, والاستفتاء عليه بنعم دعما لـ30 يونيو, فهو دستور الثورة وعلينا أن ندعم ونساند ثورة30 يونيو.
وتطالب ـ انتصار السبكي الجميع بالنزول للتصويت لاستكمال خروجاته ونضاله من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لأن الاستفتاء هو المحطة الأخيرة التي تتحقق عندها أهداف الثورة وعلينا أن نتعدي المرحلة لأننا نواجه صراعا داخليا وخارجيا من الكثير من القوي الدولية وهو الاشرس.
ومن ناحيته, يري الدكتور عبدالله عبدالمنعم علي مدير معهد السمع والكلام ان الوثيقة الدستورية الصادرة عن لجنة الـ50 هي خطوة جيدة لتضمنها مطالب كل فصائل الشعب مشيرا إلي انه لايوجد توافق بنسبة100% علي أي وثيقة ذلك لان الشعوب في داخلها فصائل متنوعة تختلف في المذهب السياسي والعقيدة والثقافة والمطالب فهناك الفقراء الذين يريدون حقهم وهناك الاغنياء والاثرياء الذين يريدون ان يتنمو ثرواتهم أكثر وأكثر وهناك المسلم والمسيحي وفي داخل الدين الإسلامي ذاته توجد فصائل كثيرة ومن هنا فالتوافق بنسبة100% قد يسبب مشكلة عند فئات أخري.
لا للمزايدات
اما اللواء محمد الغباشي عضو الهيئة العليا لحزب حماة مصر فيري ان التوافق علي الوثيقة الدستورية واقرارها من قبل الشعب هو استكمال لخريطة الطريق التي جاءت بها ثورة30 يونيو وتقطع الطريق علي المزايدين والمتاجرين بالدين والوطن لتعود مصر إلي وضعها الطبيعي لتشكل مع اشقائها العرب والافارقة قوة دولية مؤثرة في العالم أصبحت تسعي إليها القوي الكبري بعد ان غيرت ثورة30 يونيو التوازنات والتكتلات الاقليمية لتدخل الدول العربية وتحصل علي دورها الفاعل علي المستوي الدولي.
نعم للقضاء علي الإرهاب
ويقول الدكتور أحمد دراج ـ القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير وكيل مؤسسي حزب الدستور: علينا جميعا ان نفكر في الوثيقة الدستورية كلية لانها وثيقة جيدة ومقبولة فيها مواد تصل إلي درجة الامتياز ومواد أخري جيدة جدا وجزء ثالث نستطيع ان نقول إنه جيد والجزء الأخير نعتبره مقبولا ومرضيا في ظل الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها البلاد حاليا.
فالمواد الجيدة هي المواد الخاصة بباب الحريات بشكل عام وايضا الباب الخاص بحقوق المواطنين وحقوق العمال والفلاحين وما يتعلق بالتعليم والصحة.
مواد جيدة جدا
أما المواد المتعلقة بنظام الحكم فيري انها مواد جيدة وقد تصل إلي جيدة جدا فالحكم علي باب الحكم سيكون من خلال الممارسة العملية.
ومثال ذلك فان سلطات رئيس الجمهورية وعلاقته بتشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء ـ لايمكن الحكم عليه إلا من خلال الاداء.
وتساءل ـ هل ستتعارض مهام رئيس الجمهورية مع رئيس الوزراء؟
وهل ستكون موافقة مجلس الشعب علي رئيس الوزراء امرا ايجابيا ام سلبيا؟
لذلك فان التجربة العملية هي المحك وهي التي ستجيب لنا علي هذه التساؤلات وبالنسبة للمواد المرضية من وجهة نظر الدكتور أحمد دراج فهي المواد المتعلقة بوضع وزير الدفاع وما يتعلق بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية لانه في الأوضاع الطبيعية ليس هناك ضرورة لهذه المواد اما الوضع الذي تمر به مصر حاليا من استهداف الإرهاب الجنود في الجيش والداخلية والمواطنين المدنيين وتخريب للمنشأت وشغب في كل مكان وإرهاب استهدف القوات المسلحة والداخلية بشكل خاص وهي حالة الإرهاب التي تستوجب ان يكون الشعب ظهيرا لقواته المسلحة مدافعا عنها لانها في الواقع هي التي تستطيع ان تحمي الوطن والشعب وهي من ساندت ودعمت الثورة في25 يناير و30 يونيو فلا يمكن ابدا للثوار الحقيقيين ان ينتقلوا إلي خندق الإرهاب والإرهابين ويدافعوا عن الفوضي التي يستهدف بها الإرهابيون الوطن.
ويؤكد الدكتور احمد دراج ـ ان الموافقة علي الوثيقة الدستورية يعني توفيق اوضاع ترسانة القوانين التي ساندت ودعمت الفساد والاستبداد وكذلك قانون التظاهر سيعاد النظر فيه بما يتلائم مع الدستور الجديد, وهذا سيكون دور مجلس النواب القادم الذي ننتظر منه الكثير في هذا الإطار حتي يضع قطار الثورة علي القضبان التي توصل البلاد إلي تحقيق كامل أهداف الثورة.
مجلس نواب قوي
وتري المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا ـ رئيس حركة الدفاع عن الجمهورية أن الوثيقة الدستورية وثيقة جيدة تحمل في نصوصها ما يطمئن الناس علي مقومات الدولة وانها لم تعد في خطر واضافت هذه الوثيقة للحقوق والحريات العامة الكثير واضافت ضمانات اساسية لها كما وضعت اسسا تساعد النظام السياسي علي التحول لنظام أكثر ديمقراطية وثقافية بمعني انها وضعت ضمانات لمنع الفساد والاستبداد ومواجهته بامكانية مساءلة ومحاكمة من تبوء المناصب العليا سواء رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء لامكانية محاكمتهم بآلية ينص عليها في الدستور.
كما ان الوثيقة رفعت النصوص الخطرة التي كانت تهدد الأمن القومي المصري خاصة فيما تصل بمنح رئيس الجمهورية حق التنازل عن بعض حقوق السيادة أو تعديل اراضي الدولة بالرغم من إمكان أن نتفق أو نختلف علي بعض نصوص دستور هذه الوثيقة إلا اننا بشكل عام نعتبرها نقلة حضارية في تاريخ الدولة المصرية وهو يمثل وثيقة دستورية جديدة لايمكن ان تنسب لدستور.2012
وتري المستشارة تهاني الجبالي ان المرحلة المقبلة تتطلب مجلس نواب وطني وقوي يحقق تنفيذ ما ورد من نصوص في هذه الوثيقة الدستورية وذلك بوضع التشريعات المناسبة التي تحقق هذه المبادئ والحقوق علي ارض الواقع.