أشرت قبل سنوات لخبر قديم نشر في عام1923 باحدي الصحف المصرية لعلها الأهرام عن إرسال مشرف فني من مدرسة خاصة إلي فرنسا بهدف مشاهدة ودراسة عروض المسرح الفرنسي ونقل التقنيات الحديثة إلي مسرح تلك المدرسة في مصر!!
وكنت أتعجب أن الدور الذي قامت به المدارس الخاصة في عشرينيات القرن الماضي لم تعد تحفل به وزارة الثقافة المصرية بكل إمكاناتها ومواردها.
كان ذلك الخبر الصغير بالغ الدلالة عن أسباب نهوض المسرح المصري في تلك الحقبة وظهور فرق عملاقة متنوعة الأداء والاختيار مثل فرقة جورج أبيض وعزيز عيد ويوسف وهبي مسرح رمسيس وعكاشة وعلي الكسار ونجيب الريحاني وسلامة حجازي وسيد درويش وغيرهم.. كان المناخ باختصار مهيأ لاستقبال نهضة مسرحية وتذوق الفنون الراقية واكتشاف المواهب الحقيقية.
ولعلي أقف الآن علي تجربة جادة في محاولة لاحياء المسرح المدرسي واعادته إلي بؤرة الضوء مرة أخري.. هذه التجربة بدأت بمسرحية وطني حبيبي من تأليف وأشعار محيي الدين إبراهيم وإخراج الفنان هاني كمال الذي عرفناه ممثلا في العديد من الأعمال المسرحية والتليفزيونية لعل من أبرزها دوره في فيلم الطريق إلي إيلات وسر جدية هذه التجربة واقترابها من النضج الفني المطلوب تحمس عدد كبير من المبدعين والمهتمين بمستقبل المسرح في مصر بدليل شراكة البيت الفني للمسرح في تقديم التجربة بل وحضور الفنان القدير فتوح أحمد وحرصه علي مشاهدة العمل ثم تكريم القائمين عليه من التلاميذ.. وكذلك حرص المخرج المبدع شادي سرور علي دعم التجربة والاشراف علي إضاءة العرض المسرحي فضلا عن الوجود الدائم في البروفات وتقديم الدعم الفني والتوجيه لصغار الممثلين وأيضا قيام الفنان القدير محمد هاشم بعمل ديكور العرض وهو صاحب تجربة إنشاء مسرح صغير في حديقة المسرح العائم استغلالا للمساحة وبتكلفة مالية لا تتعدي العشرة آلاف جنيه, وهي تجربة اتعجب كيف لا تدرسها أجهزة الحكومة لتعميمها في كل حدائق مصر العامة بمختلف الأقاليم.. كما شارك الفنان الصاعد وائل شاهين بالتمثيل جنبا إلي جنب مع الموهوبين من أبناء المدارس المصرية ومنهم آيات جلال التي لعبت دور الحاجة أمينة الفلاحة العجوز التي تمثل قيم وتقاليد المجتمع المصري وأصالته ومصطفي أنور الذي أظهر طاقة كوميدية كبيرة في دور الفيلسوف المجنون ؟؟ قطز والأطفال بسملة هاني ومدثر إبراهيم وكل من شارك في العرض من تلاميذ المدارس الحكومية المصرية.
تحكي المسرحية بين25 يناير و30 يونيو من خلال استشهاد أحد ضباط الصف المكلفين بحراسة السجون أثناء اقتحام جماعات مسلحة منظمة لها وحديثهم بلكنة عربية وحالة الفزع التي أصابت باقي المساجين ورحلتهم إلي قرية الشاويش الشهيد الذي أوصاهم قبل الموت بتوصيل رسالة إلي أمه الحاجة أمينة في قرية من القري المصرية, وقد أجاد محيي الدين إبراهيم في نسج الدراما حول هذه القصة الانسانية وكان بمقدوره تقديم عرض رائع لولا تشتيته في بعض الأحيان عن الفكرة الرئيسية في محاولة منه لرصد أكبر قدر ممكن من أحداث الثورة حتي يضم إليها أحداث30 يونيو.. كانت فكرة رسالة الشهيد وحدها كافية لتقديم عرض درامي انساني بالغ القوة في تحريك عشرات الممثلين الهواة علي خشبة المسرح.. ولعلها تكون بداية صحيحة لاستمرار المسرح المدرسي في تقديم عروض فنية طوال العام لغرس الذوق الفني الرفيع في وجدان جيل صنع ثورة وأمامه مسئولية كبيرة لصنع مستقبل حقيقي يقوم علي الحرية ويحترم الابداع ويعرف للمسرح قيمته ودوره في الحياة.
توقيع العضو : Adel Rehan |
# اللعبة أن نثير العوآطف نحونآ , وبعدهآ تؤمنون بنآ , فلآ مجآل للصدفة فالقوآنين تجبركم على الاختيآر !!! A d e l R e h a n || 2014 - 2015 || E L M A S R Y Y . C O M |