بعد صدور الإعلان الدستورى من رئاسة الجمهورية بتاريخ 8/7/2013، والنص به بمادته السادسة عشرة، على أن (السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون والقضاة مستقلون وغير قابلين للعزل، ولا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة ويكون لأعضاء هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية الضمانات المقررة للقضاة) ذلك حفاظا على الحقوق والأموال.
ويجدر التساؤل وما جدوى منح أعضاء هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية الضمانات المقررة للقضاة، وأنه على أرض الواقع لا يدخل فى اختصاص الهيئتين الموقرتين سوى القليل ولا يزيد عن عشر الحقوق والأموال العامة بالدولة، والبقية المتبقية الكثيرة والكبيرة تدخل فى اختصاص محامى الهيئات والمؤسسات العامة والبنوك، والشركات العامة الخاضعين للقانون رقم 47 لسنه 1973، وتابعين للسلطة التنفيذية يأتمرون بأوامرهم ونواهيهم فقرارات التعيين والترقيات والبدلات والمكافآت فى أيدى المنحرفين والفاسدين والمرتشين وبسبب هذه التبعية سلبت ونهبت وضاعت مليارات الجنيهات وملايين الأفدنة من ملكية الشعب العامة.
والحقيقة واجبة القول إن إقصاء أعضاء النيابة الإدارية وقضايا الدولة عن مباشرة اختصاصاتهم لكافة الحقوق والأموال العامة بالدولة، فى عصر المخلوعين مبارك ومرسى، كان وراءه قصد سياسى سيىء وخراب ودمار واسع، ثم إن جميع فقهاء القانون الدستورى الشرفاء بمصرنا الحبيب يعلمون أن الواجبات الملقاة على أعضاء هيئتى النيابة الإدارية، وقضايا الدولة ومحامى الهيئات والبنوك والشركات العامة واحدة ومراكزهم القانونية واحدة، ذلك وفقا للنصوص الدستورية والقانونية ومبادئ المحكمة الدستورية العليا وقد يشتركون معا فى دعوى قضائية واحدة متضامنين أمام دائرة قضائية واحدة دفاعا عن الحقوق والأموال العامة وتحقيقات مالية وإدارية واحدة.
وهذا ما أكدته النشرة التشريعية بالعدد السابع بشهر يوليو سنة 1973، الصادرة عن اللجنة التشريعية لمجلس الشعب فذكرت به (أن المحامين بالإدارات القانونية بالقطاع العام، يؤدون أعمالا من جنس الأعمال المنوطة بأعضاء الهيئات القضائية مثل إدارة قضايا الحكومة والنيابة الإدارية إلا أن اللجنة قد رأت أن مرحلة المواجهة الشاملة تقتضى الاستجابة لما رأته الحكومة من تأجيل أى مطالبات جديدة خاصة بالأجور، وما فى حكمها إلى ما بعد الانتهاء من إزالة أثر العدوان، وقد كان موقف المحامين أنفسهم جديرا بالتقدير بعد أن أعلنوا استعدادهم لتأجيل استحقاق هذا البدل، فنص المشروع فى صيغته النهائية على أن يستحق اعتبار من الشهر التالى لانتهاء العمل بميزانية المعركة)، ونحب أن ننوه بأنه حتى تاريخه لم يحصل أى محام على أية بدلات منذ انتهاء المعركة، ونؤكد أنهم على استعداد كزملائهم القدامى لتأجيل كافة البدلات حتى تتحسن ظروف البلاد الاقتصادية والذى يعنيهم فقط هو التمتع بالاستقلال عن السلطة التنفيذية، للحفاظ على الحقوق والأموال العامة وأن منح أعضاء النيابة الإدارية وقضايا الدولة الضمانات المقررة للقضاة دونهم، يعد اعتداء صارخا على الدستور وتصريحا صريحا للاعتداء على الحقوق والأموال العامة وأيضا تصريحا صريحا لتدخل السلطة التنفيذية وغيرها فى القضايا وشئون العدالة ذلك، وكأن الشعب لم يقم بثورتى يناير 2011 ويونيو 2013 وما هى إلا أشخاص تتبدل، ووجوه محل وجوه أخرى لو استمر الحال على ما هو عليه.
ونرى أن الحل الأمثل والصائب للحفاظ على الحقوق والأموال العامة ونضعه أمام اللجنة التى ستقوم بالتعديلات الدستورية أن تختار أحد السبيلين بنص جديد بالدستور على النحو الآتى:-
الاقتراح الأول: (تحول الإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن محامى الهيئات والمؤسسات العامة، والبنوك والشركات العامة والبنوك والشركات العامة، إلى هيئة قضائية مستقلة تتبع وزارة العدل ويحدد القانون اختصاصاتها وشروط وإجراءات تعيين أعضائها ويكون لأعضائها الضمانات المقررة لأعضاء هيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة).
والاقتراح الثانى: دمج أعضاء النيابة الإدارية وقضايا الدولة والمحامين الخاضعين للقانون رقم 47 لسنة 1973، بالهيئات العامة والبنوك والشركات العامة فى هيئة قضائية واحدة (يدمج أعضاء هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية والمحامون بالهيئات والمؤسسات العامة، والبنوك والشركات العامة فى هيئة قضائية واحدة تحت مسمى هيئة الدفاع عن الحقوق والأموال العامة، ويحدد القانون اختصاصاتها وشروط وإجراءات تعيين أعضائها ويكون لأعضائها الضمانات المقررة للقضاة).
خاصة أن الأجهزة الرقابية بالدولة مهامها واختصاصاتها تبدأ بعد وقوع السلب والنهب والفساد بينما نحن فى أشد الحاجة إلى أجهزة وقائية رقابية قبل وقوع الكارثة والفساد، لكون الوقاية خيرا من العلاج ولله الأمر من قبل ومن بعد.