تم انشاء الموضوع الموافق
27.06.2013
08:29:00
صورة أرشيفية
************************
ظل الأبناء يلحون على أمهم سنوات طوال أن تطرد ابن عمهم ذلك المهندس الفاسد المسئول عن صيانة سيارتهم، والذى يعيش معهم ويتخذ من المرآب مكانا يقيم فيه.. تلك السيارة القديمة التى اشترتها الأم منذ ثلاثين عاما فى بداية زواجها وقبل أن تنجب أى من الأبناء.. هؤلاء الذين كبروا وأصبحوا شبابا وبالغين وأرادوا أن يغيروا من نظام بيت ضج بالإهمال وعشش الفساد فيه.
وأخيرا وبعد مطالبات مريرة وثورة عارمة قاموا بها.. قررت الأم أن تطرد قريبهم مهندس الصيانة الفاسد والذى كان يبتز أموالهم طوال ثلاثين عاما ثم يتعمد تخريب السيارة وسرقة أجزائها.. كى يظل هو يستنزف الأموال ويظلوا هم دائما وأبدا فى حاجة إليه، وكان يستعين فى مهمته بأصدقائه من البلطجية والمجرمين، وبعد معاناة قاسية استطاعت الأم بمساعدة أبنائها أن تتخلص من هذا المهندس الفاسد وعصابته.
ثم بدأت تفكر فى مهندس جديد يصلح سيارتهم الخربة ويعيدها للحياة.. وطلبت الأم من أبنائها المشورة، فاقترح الابن الأكبر أن يتصل بصديقه طالب كلية الهندسة وهو الذى لم يتخرج بعد.. كى يقوم بتلك المهمة الصعبة.. واستمر الابن الأكبر يمتدح فى قدرات صديقه الفائقة وعبقريته الفذة والتى ستتغلب حتما على عدم خبرته وستشفع له وهو الذى لم يتخرج بعد ولم يقم بمثل تلك المهمات من قبل، وفى ذات الوقت الذى برع فيه الابن الأكبر فى شرح مزايا مبالغ فيها لصديقه، وقدم وعودا بإنجازات سريعة وخيالية ستتحقق على يديه.. انشغل الابنان الاصغران بالشجار فيما بينهما: حول من يستطيع أن يستدعى مهندسا حاذقا ذو خبرة.. أفضل من صديق أخيهم.
وفى الأخير..لم تجد الأم بدا من الاقتناع بكلام ابنها الأكبر، فأمرته أن يتصل بصديقه ويطلب منه الحضور والإقامة فى المرآب.. لمباشرة مهمته الشاقة.. وذلك بالطبع فى ظل سخط وغضب شديد من أخويه الآخرين.
وطوال عام كامل هى مدة إقامة (طالب الهندسة) لديهم ، لم يتركه الإخوة الصغار يهنأ بعمل يوم واحد.. وهو قليل الخبرة أساسا.. وقد قابلته صعوبات مضنية فى اكتشاف عيوب تلك السيارة المتهالكة قبل أن يبدأ بعد فى إصلاحها.
استمر الإخوة الصغار فى عنادهم وشغبهم واستمرت محاولاتهم لإقناع الأم بعدم جدوى وجود ذلك المهندس فى بيتهم.. وهو الذى لم يتحقق على يديه أى إصلاح يذكر حتى الآن.
وأصر أخوهم الأكبر على قناعته بسلامة اختياره وأن صديقه هو الأنسب لتلك المهمة.. وأنه لم يفشل فيها بل أراد إخوته أن يفشلوه.. حقدا وعنادا، وحاول إقناع أمه بأنه يجب عليها أن تنتظر باقى مدة العقد المبرم بينها وبين صديقه المهندس حتى تستطيع أن تقيمه وتحكم على أدائه.
ولكن أصدقاء ومعاونى المهندس القديم..( من البلطجية والمجرمين ) أوعزوا للإخوة الصغار أن يجتمعوا فى ليل ويتسللوا إلى المرآب.. ثم يوسعون المهندس ضربا ويلقوا به من النافذة.. وبذلك يتخلصون منه للأبد.. ولا تجد الأم سواهم ليختاروا لها مهندسا جديدا، وعلم الأخ الأكبر بخطتهم الشيطانية هم وهؤلاء الفاسدين الذين استقووا بهم ، فقرر أن يسبقهم إلى المرآب ويدخل معهم فى شجار كى يحمى بذلك صديقه المهندس.
وتقابلوا جميعا.. وكادت أن تنشب حربا ضارية بين الأبناء، إلا أن حكمة الأم ولطف الله بها جعلها تحسن التصرف وتنهى تلك الأزمة.. حينما استدعت كبار عائلتها وعقلائها.. من أقنعوا الأخ الأكبر بالعودة أدراجه.. فليست كل المشاكل تحل بالعنف أو الشجار..خاصة تلك التى تنشب بين الإخوة فى الأسرة الواحدة.. كما طلبوا من المهندس أن يتحدث بصراحة وشفافية مع الأبناء الصغار.. كى يتفهموا صعوبة مهمته ويصبروا على عدم خبرته وقلة حيلته.. ثم قاموا بعدها بطرد هؤلاء الثلة من المجرمين والبلطجية بعد أن لقنوهم درسا قاسيا.. من أرادوا أن يصطادوا بالماء العكر ويشعلوا الأجواء.. لتكدير صفو الأسرة ومن ثم العودة مع صديقهم.. المهندس الفاسد.. لسرقة السيارة.
وبعد أن نجح كبار العائلة فى القضاء على هؤلاء المجرمين.. استمرت محاولاتهم المضنية فى إقناع الإخوة الصغار بأن من ارتبط مع أحد بعقد، لابد أن يحترم شروط ذلك العقد ويتحمل نتائجه.. وعليهم أن يقدروا المسئولية.. ويعرفوا أمانة الكلمة، وأن ما أرادوا أن يفعلوه بمهندس سيارتهم هى جريمة بحق.. فمن أدخلناه من الباب بمحض إرادتنا.. لا يمكن أن نلقى به من النافذة.
ألا يوجد فى مصر الآن كبار وعقلاء.. يضربون على أيدى مشعلى الفتن.. ومن ثم يقوموا بإقناع الأطراف المتصارعة والتى تريد إحراق البلاد فى ( الثلاثين من يونيو المقب ) :
أن هناك صراعات لا ينتصر فيها أحد بل يخرج منها الجميع خاسرا.. تلك الصراعات التى تنشب بين أفراد الأسرة الواحدة، وأن من أبرم عقدا يجب عليه أن يحترم شروطه، فمن أدخلناه بأيدينا من الباب.. لا يمكن أن نخرجه من النافذة.
من دخل من الباب لا يخرج من النافذة.