تم انشاء الموضوع الموافق
27.06.2013
08:25:21
صورة أرشيفية
***************************
استوقفنى أحد الشباب ويبدو على ملامحه الحزن والأسى وبادرنى بسؤال لم يخطر على بال إنسان قائلا: يا أستاذنا هل هناك ما يسمى بالقمار الآمن ؟ أعترف أننى والآلاف من أبناء مصر لم يعرفوا فى حياتهم هذا الاصطلاح من قبل لذلك يعود إليه الفضل فى اختيار عنوان هذا المقال، وقلت له يا بنى هذه المرة الأولى التى أسمع فيها عن هذا المصطلح الغريب، حيث إن الله فى كتابه العزيز وتنزيله المحكم قد أورد لنا المحرمات وأن إثمهما أكثر من نفعهم، كما جاء فى قولة تعالى ( وحتى على مستوى من مارس هذا الفعل المنهى عنه والمحرم شرعيا وأخلاقيا ومجتمعيا لم يحدث أن خرج منه أمنا بل هو يتحمل الخسائر كما يجنى الخسائر – أى أنه لا أمان فى هذه الهواية التى تخرب البيوت والنفوس العامرة ويكون الفحش والفجور والطمع والمكسب السريع هى أداة هذا الشخص، كانت تلك إجابتى. ولكنى سألته من باب الفضول ما هو سبب سؤالك , قال انتظر ياشيخنا قلت له لست بشيخ ؟ قال اقولها مجازا لكبر عمرك ومقامك.
فقلت له هات ما عندك، قال إنى موظف بإحدى الهيئات الحكومية وقد أخطأت فى اتخاذ قرار والتصرف فيه بفهمى وليس بفهم رئيسى فى العمل فأوقع على جزاء بالخصم من راتبى، قلت له أعتقد أن قانون العمل واللائحة الخاصة به تنظم العلاقة بين الرئيس ومرؤسية وربما هذا حقه فى ممارسة سلطاته.
فاستطرد وقال وأحد زملائى وبدون قصد تسبب فى إفساد بعض أدوات العمل فتم خصم قيمة التلفيات والأضرار من راتبه، قلت هذا نظام حتى لا يكون الأمر متاح أمام كل من يفسد سواء بقصد أو بدون قصد، هنا ابتسم الشاب وكأنى وقعت فى الفخ لأنه يعلم كل ما أوردته ولكنه كن يسعى من وراء المناقشة بعدا آخر لم أتبينه لحظتها ولكن فطن عقلى بطريقة ما لما يحاول أن يصل إليه من خلال الحوار وأن يضعنى فى مأزق، قلت له يا بنى هات ماعندك وأكمل وفسر لى حكاية القمار الآمن، قال الموظف بالرغم من أنه يعمل عمل مشروع ليس امنا فى وظيفته وعمله ويتم معاقبته على توافه الأشياء سواء بلفت النظر أو الخصم أو الإيقاف وأحيانا الفصل من العمل كما نظم ذلك قانون العمل، ولو نظرنا إلى هذا الأمر لوجدنا أن هذا الموظف عليه أن يقبل بالوظيفة كنوع من المقامرة شريطة ألا يخالف الأعراف والتقاليد والدين والقانون، ولكن كيف نسمح لإنسان ولمدة أربع سنوات يقامر بمستقبل 90 مليون وهو رئيس الجمهورية، فهو ليس نبيا يوحى إليه، ولا هو معصوم، ولكنه بشر يمكن أن يصيب ويخطأ وأخطاءه لن تصيبه وحدة ولكنها سوف تؤثر على الملايين من المصريين فى وقت السلم والحرب بقرارته هو وحدة دون أى مساءلة، أى أنه وحده مسموح له بأن يقامر بمستقبلنا حتى وإن عرض الوطن للخسارة لا يسائله أحد إلا تجد فى ذلك تناقض كبير بين نظرية الثواب والعقاب، يا أستاذنا ربما الاجتهاد فى مساءل معينة أم نطلق يد الحاكم دون تحديد المسئولية أو محاسبته لهو أمر خارج المنطق والدي، ليس عن الرئيس مرسى والنظام السابق أتحدث بل أتحدث بصورة عامة فى مستقبل وطن وعلى مر السنين، وقفت عاجزا عن الإجابة فأنا قرأت الدستور جيدا وليس فيه أى محاسبة للرئيس إلا فى حالة الخيانة العظمى وقد وضعوا لها شروطا تعجزية إن أردنا تطبيقها، وصمت صمت العجز فابتسم وتركنى منصرفا بعد الاستئذان وتركنى فى حيرة من أمرى، كيف لهذا الشاب الصغير فى السن أن يصل به فكرة إلى تلك النقطة ونحن نصفهم بالجهل والغرور والسطحية ، كيف لسياسين كبار لم يفطنوا إلى هذا المصطلح الممنوح لرئيس الجمهورية بأن يقامر بمستقبل وطن مقامرة آمنة.