أهلاً وسهلاً بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه
نختلف أو نتفق. مصر الآن منقسمة إلي معسكرين.. نختلف أو نتفق. الدكتور مرسي يقف مع المعسكر الذي يؤيده. ويتصرف بدون قصد أو بقصد وكأنه الرئيس المنتخب لهذا المعسكر دون سواه. فيلتقي به ويخطب فيه. ويناديه أهلي وشعبي وعشيرتي. المشهد في النهاية يعكس انقسام مصر إلي فسطاطين:- فسطاط الرئيس والجماعة وفسطاط المعارضة للرئيس والجماعة!. فسطاط الجماعة الذي يناصر الرئيس ظالما أو مظلوما. وفسطاط المعارضة.. علي استعداد أن يتناطحا ويتصادما ولو وصل الأمر يتحاربا حتي آخر قطرة في شريان مصر ومواطني مصر. إذ راح الطرفان يجيشان الجيوش ويعدان العدة ويدقان طبول الحرب. وكأن المصري القابع في المعسكر "أ" عدو للمصري المنتمي للمعسكر "ب".. وصل الأمر إلي أن أحد المعسكرين اعتبر أن المعسكر الذي لا يقف مع الرئيس ويوافقه ويوقع له علي بياض هو عدو الرئيس وعدو الوطن وعدو الله أيضا. ولذلك فإنهم يرفعون الشعار الذي يطلبون فيه من مرسي أن يعطيهم فقط الاشارة لكي يقتلوهم ويعبئوهم في شيكارة:- "يا مرسي ادينا إشارة واحنا نعبيهم في شيكارة". الوضع جد خطير.. مصر ضد مصر.. والمصري ضد المصري وعلي استعداد أن يذبح أخاه وينكل بجثته ويمضغ كبده لأن له رأيا غير رأيه وبوصلة غير بوصلته.. النتيجة كلنا خاسرون. وهنيئا للمتربصين الشامتين.. وحدتنا تتفكك.. نسيجنا الواحد يهترئ ويحترق.. نتأهب بنجاح للدخول في دوامة الحرب الأهلية.. كل معسكر جعل الآخر خصمه اللدول ورفع شعار "اقتلوهم حيث ثقفتموهم" عجلة الاقتصاد التي قد بدأت الدوران للامام في تثاؤب ستتوقف ثم تعود لتدور إلي الخلف.. الأمن الذي قد بدأ يتعافي سيتفرغ لحماية المصري من أخيه المصري ويترك البلطجية واللصوص وقطاع الطرق يخرجون من جحورهم يروعون الآمنين ويجمعون غنائم المتناحرين. وهذا كله هو المطلوب اثباته للوصول إلي المقادير العبقرية لصناعة الدولة منزوعة الحول والقوة.. الدولة مقلمة الأظافر.. دولة لا تهش ولا تنش ولاتخمش.. دولة لا تفعل ولا تتفاعل.. دولة مجهزة للدوران في فلك النظام الدولي الجديد.. دولة لا تحرك ساكنا للمسرح الذي ينصبونه في سيناء ولا تكترث بقوة اسرائيل التي تتضاعف ولا بما تصنعه في ليمونة.. دولة شغلوها بالصداع والصراع "ودوخيني يالمونة"! هنا غاب الحكماء والعقلاء عن المشهد وعن التواجد بين صفوف أي من الفريقين. وكنا نتمني أن يلعبوا علي الأقل دور الطرف الثالث بطريقة تختلف عن ألعاب الطرف الثالث إياه صاحب التوكيل المعتمد لطواقي الإخفاء. غاب الحكماء والعقلاء.. فلم نجد من يقول لمرسي ارجع عن اعلانك. ولا من يقول للمعارضة انه استثناء لفترة. وغير هذا وذاك لم نجد من يوفق بين الطرفين.. فيكبح من جماح هذا ويهدئ من غضبة ذاك. وانما وجدنا من يدق طبول الحرب فيزين لهذا فعلته. ويحرض الآخر علي غضبته.. لم يظهر بين المعسكرين ابن قيم يقول: أيها الناس اختلفوا ما شئتم.. وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري. لابد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوي إدراكهم. ولكن المذموم بغي بعضهم علي بعض وعدوانه.. واختفي ابن القيم وظهر ابن المولع والمشعلل الذي ينفخ الكير ويذكي الخبيث ويشعل في البيت كله نارا. أصبح عندنا جيش ميدان التحرير وجيش جامعة القاهرة.. كتائب تزحف لتطويق المحكمة الدستورية. وكتائب تزحف لمحاصرة قصر الاتحادية.. الفريق الأول بالقطع مصري ويحبها من كل روحه ودمه والفريق الثاني ايضا بالقطع مصري ويحبها من كل روحه ودمه. ولكن هناك من لعب في "سوفت وير" فريق وفرمط رأسه وضبطه علي موجة خصومة الآخر والتفنن في اقصائه وإخفائه لأنه يريد له وبجماعته كل سوء. وبالتالي قتلي هذا الفريق في الجنة وقتلي الفريق الآخر في النار! أصبحنا مثل الغلامين اللذين اشتراهما الحجاج أحدهما أسود والآخر أبيض. وقال لهما أريد ان يمدح كل منكما نفسه ويذم الآخر.. فقال الأسود: ألم تر ان المسك لا شئ مثله.. وأن بياض اللفت حمل بدرهم وأن سواد العيون لا شك نورها.. وان بياض العين لا شئ فاعلم. فرد الأبيض: ألم تر أن البدر لا شئ مثله..وأن سواد الفحم حمل بدرهم.. وأن رجال الله بيض وجوهم.. ولاشك ان السود أهل جهنم. نحن أصبحنا مثل الغلامين.. معسكر المبشرين بالجنة. ومعسكر المبشرين بالنار ومأواهم جهنم وبئس المصير. انقسمنا وأصبحنا شيعا. وتمكن فيروس الانقسام من كل شئ.. خطبة الجمعة بدلا من أن تجمع بين الناس وتوحد صفوفهم قسمتهم إلي فريقين.. فريق يؤيد مرسي لأنه الذي يسير علي الطريق السليم ومن يتبعه مثواه الجنة.. وفريق يعترض عليه ويطالبه بسحب اعلانه الدستوري أولئك تلعنهم الملائكة ومصيرهم النار وبئس القرار. كل فريق يسعي بشتي السبل للضغط علي الآخر.. هي نفس نظرية عنترة في التعامل مع خصمه.. كل يضع اصبعه في فم الآخر.. يضغط هذا ويضغط هذا ومن يتألم أولا يخسر الجولة.. الجماعة والرئاسة تضغط وفي جرابها كل يوم مفاجأة.. والفريق الآخر يصد ويرد وفي جرابه كل يوم تصعيد للرد علي عدوان الفريق الآخر عليه. قد يصل الأمر إلي حد العصيان المدني.. بمعني الشلل التام والموت الزوءام ومع انه سلاح لا يستخدم الا ضد عدو أو محتل الا أنه وفي غياب الحكمة والعقل والحوار يمكن اللجوء إليه.. فقد ساهم العصيان المدني في حسم ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول من خلال القيام بقطع طرق السكك الحديدية ضد الاحتلال البريطاني.. كما نجح العصيان في انهاء ظاهرة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا.. كما نجح العصيان في حملات غاندي من أجل استقلال الهند عن الامبرطورية البريطانية هنا يكون السؤال: سيف العصيان هنا سيكون علي رقبة من وضد من؟ الاجابة ببساطة ضد كل المصريين.. لذلك أرجوكم اعملوا العقل وكافحوا فيروس الانقسام الذي استشري ووصل إلي الجامع. فجأة يتحول المسجد إلي ساحة جدال وخلاف بدلا من أن يسعي الإمام إلي ان يوحد بين الصفوف وأن ترتفع الأكف بالدعاء إلي أن ينجي الكنانة من كل سوء وان يرد السهام اللعينة المسمومة إلي صدور من يصوبونها إلي رأس البلد الأمين. وان يسلط عليهم الجراد والقمل وان يهلكم عددا وبددا. كل شبر الآن في مصر منقسم.. انقسام بين القضاة.. بين المثقفين.. في الجامعات في المقاهي.. في السوبر ماركت.. عند بائع الخضر.. مصارين البلد تتخانق مع بعضها.. باختصار مصر تنزف.. غاب العقلاء والحكماء ونشط فقط المحرضون في حلبة صراع الديوك.. المحرضون ينشغلون والحكماء يمتنعون.. تلك من علامات ساعة الخطر