أهلاً وسهلاً بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه
الأمر الجامع لشتات الأمة وبزوغ أنوارها وإظهار فتوة وبطولة شبابها، وانتصارها على أعدائها، وتحطيمها لكل من يريد كيدها لا يحدث إلا على أيدي رجال تربُّوا على منهج الحَبيب صلى الله عليه وسلم وأخذوا بالأمة معهم على ذلك النهج.
فالأمر الفصل هو في التربية الإيمانية اليقينية التى رسَّخ بذورها ووضع أحكامها ومبادئها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن بعده ساروا على هديه في ذلك، هذه التربية التى بدأها صلى الله عليه وسلم مع صحبه الأجلة وتدور أولاً على القيم الإيمانية والمكارم الأخلاقية التي أثنى عليها الله وامتدحها في كتابه، والتى كان عليها في سلوكه وفعاله وكل أحواله رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالتربية الإيمانية اليقينية لاتعتمد على المال ولا على قوة التكنولوجيا ولا خيرات الأرض ولا قوة العِدَد والآلات ولا صلابة الأجسام ولا القوة العددية. ولكن تعتمد على صلابة النفس في التخلق بأخلاق الله والتمسك بقيم كتابه، والتشبه في كل حالٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وقيمه، وأهمها وأبرزها الوصول إلى درجة اليقين الذى يصحبه الزهد في الدنيا والعمل لإرضاء رب العالمين، فإن المسلمين ما أخذوا ولا غُلبوا في زمان من الأزمنة إلا بالتنافس في الدنيا والتحلل والتفسخ من الأخلاق الكريمة التي جاء بها الله والقيم التي جاءنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذه الأسس الفعَّالة ربّى النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه الأجلاء بإتقان محكم، ففجّر فيهم هذه الطاقات الربانية التي استودعها فيهم رب البرية، وكل إنسان فيه طاقات لايعلمها إلا الكريم الخلاق، لكن أغلب الخلق يتكاسل ويتخاذل ويظلّ حتى يأتيه الموت ولم يستغل عُشر معشار الطاقات التى أودعها فيه الخلاق عز وجل، بل ويسلِّمها كما هي لله .. سلَّم الأجهزة عند وفاته كما هي لم يستخدمها .
فالداعى صاحب البصيرة هو الذى يُفجر هذه الطاقات فيمن حوله حتى يصير الرجل العادى من أصحابه بعشر: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} الأنفال65 فيكون الرجل بكم ؟ بعشرة، وهذا كان حال جند المسلمين الذين رباهم سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ، ولذلك عندما تنظر في معاركهم تجد محققٌ فيهم قول الله: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة249
في كل المعارك أم لا؟ .. نعم في كل المعارك بهذه الشاكلة وعندك التاريخ ابحث فيه واشهد، لم يقاتلوا لمغنم أو دنيا، ولم يجاهدوا لمصالح عاجلة أو شهوات فانية، ولا طلباً للزعامة ولا الرياسة ولا للفخر والمباهة والرياء لأنهم تربُّوا على الإخلاص في قصدهم وفي كل أحوالهم وفي جهادهم . وهذا بالفعل ما نفتقر إليه كمسلمين الآن في كل مكان، الكل ينافس إمَّا لمنصب أو مصلحة أو منفعة! للفخر أو الرياء والسمعة والشهرة، لكن لو التنافس كله لله، هل سيحدث إختلاف؟ لن يحدث أبداً، إذاً لماذا الإختلاف؟ لتنوع المقاصد وتضارب المآرب، ولو كان مقصد الكلِّ ربِّ الكلِّ عز وجل، ما حدث إختلاف
ما إختلاف النفوس والقصد واحد والصراط الســوى للمتواجد
ولنرى معا عبر التاريخ لقطات فارقة وومضات خالدة يظهر فيها تأثير التربية الإيمانية أو لحظة إنطلاق الطاقات البشرية والمواهب الربانية. وفى أمثال هؤلاء الرجال الذين يقودون سفن نهضة الأمة والذين سنضرب لهم أمثالاً من تاريخهم الحى الملهم .. يقول الإمام محي الدين بن عربي رضي الله عنه: {لو ظهرت روح أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه، لهزمت جيشاً بأكمله}، وقد صدق لأن لأبي بكر الصديق مواقف متنوعة ومتعددة، كلُّ موقف منها تاجٌ يتلألأ على مفرقيه يحكى درساً خالداً في التربية الإيمانية التي ربَّاه عليه سيدُّ البرية.
وقد تعمدت أن أختار لكم أمثلة من حياته بعد النبي صلى الله عليه وسلم لتفهموا أن العملية التربوية لإصلاح أحوال الأمة منوطة بالأنبياء والمرسلين ثم من بعدهم بالعلماء الصالحين العاملين كلٌّ في زمانه، لأنهم هم من يكيفوا الآداب المحمدية والتربية النبوية والأخلاق القرآنية على الوقائع الحياتية وباللغة والمصطلحات الآنية، فيحدثون الإصلاح اللازم والتغيير المنشود، وانظروا كيف يمكن للمربِّى الصادق وحده أن يؤثر في أمة كاملة
فالتاريخ لا ينسى ثبات أبي بكر ورباطة جأشه عند وفاة النبى صلى الله عليه وسلم لمَّا انهارت الصحابة من هول المفاجأة، ولكنه استكمل الورشة التربوية الإيمانية نيابة عن الحضرة المحمدية بعد الوفاة مباشرة ودون أن يطلب منه أحد، وقال: أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حىٌ لا يموت، وتلا عليهم الآية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً} آل عمران144
فأنقذ الأمة بثباته ونصبته الأمة قائداً لورشة التربية في المرحلة الجديدة، بعد أن كان عضواً فيها، وموقفه رضي الله عنه في حروب الردة، وحروب مانعى الزكاة، وإنفاذه جيش أسامة بعد وفاة النبي، وخروجه للعمل صبيحة توليه خلافة المسلمين وفي الليل يقوم على خدمة العجائز والمرضى والمحتاجين دون أن يعرفوا أنه خليفة المسلمين، وقبل وفاته ردَّ لبيت مال المسلمين كلَّ ما أخذه من أجر طيلة مدة خلافته .. إنها التربية النبوية