[frame="10 10"]
قال الله تعالى للمؤمنين الذين يحرصون على أبنائهم بعد انتقالهم من هذه الحياة: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ} ماذا يفعلوا يا رب؟ {فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} النساء9
أمرين اثنين ، يتقوا الله عز وجل ويقولوا الأقوال السديدة التي تسدد لهم في خانات حسناتهم وفي صحف إيمانهم حتى تنتفع بها ذرياتهم بعد مماتهم
إذاً الأمر على عكس ما يقول الناس فالذي ينفع الأبناء على التحقيق ليست وديعة البنوك ولكن الوديعة التي ادخرتها عند ملك الملوك عز وجل حتى أن الله سخر نبياً من أولي العزم وولياً من كمل الأولياء من أجل بناء الجدار فالولي يبني ومعه المسطرين والنبي يصنع المونة ويناولها له ويناول معها الطوب لهذا الولي
مع أن هذه البلدة لم يَدْعهم أحد من أهلها حتى لشربة ماء أو فنجان قهوة أو كوب شاي ولما قال سيدنا موسى كيف نعمل لأناس لم يضيّفنا منهم أحد؟ أجابه نحن مكلفين بهذا العمل من الله لأجل هذين الغلامين {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا} الكهف82
أبوهم هذا كان الجد السابع وليس الأب المباشر ولا الذي بعده ولكن الجد السابع كان صالحاً فنفع الله به ذريته من بعده وسخر لهم رسولاً وولياً ليقيما الجدار وليحفظ هذا الكنز حتى يبلغ الصبيان فضلاً من الله عز وجل ونعمة
فسيدنا إبراهيم علّمنا هذا الدرس بأننا ندعو لهم بالصلاح ونهتم في أمرهم بأمر الله ونسوقهم إلى الطاعات ونعرفهم التشريعات ونبين لهم أحكام كتاب الله ونوضح لهم سنة سيدنا ومولانا رسول الله ثم نطمئن إلى أن عناية الله لن تتخلف عنهم طرفة عين ولذا ضرب الله لنا مثلاً مع إبراهيم
بعضنا يشككه القوم في هذه الأمور ويقولون له كيف تأتي تقوى الله بالأرزاق؟ وكيف تأتي الحسنات بالخيرات مع أن الله عز وجل أبرم هذا الأمر فقال: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (2- 3الطلاق)
حتى لا يفكر بأن الحسبة التي حسبها أو الرصيد الذي تركه في البنك أو في الأرض أو في التجارة هي التي تنفعه فذلك كله يقول فيه القائل :
ما بين طرفة عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلى حال
ولكي يزيدنا الله يقيناً ذكر لنا ما فعله مع الخليل ومع زوجة الخليل وابنها فقد بعث لهم الماء وأرسل لهم الناس وهيئ لهم الجيران الذين يزورونهم ويودونهم من كل أنحاء العالم إلى يوم القيامة وصدق الله عز وجل إذ يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }طه132
[/frame]