لأول مرة بحث علمي يدرس الحسد دراسة معملية
الدكتورة
منى محروس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
- العلم [ ] الحديث أثبت أن العين [ ] حق وأنها تصيب الآخرين بالأذى.
- السنة النبوية أمرت الحاسد أن يتوضأ فيغتسل من وضوئه المحسود.
"الحسد [ ] بين القرآن والعلم [ ] الحديث"... هو موضوع البحث الذي أعده د.خمساوي أحمد الخمساوي الأستاذ بجامعة الأزهر والذي يقول فيه إن الحسد [ ] يطلق على ثلاثة معان مختلفة: المعنى الأول هو الغبطة أو المنافسة وهي تعظيم الأمر عند صاحبه وتمنى أن يكون لصاحبه هذه النعمة، والحسد [ ] بهذا المعنى ورد في الحديث الشريف [لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق] وبالتالي فهذا النوع من الحسد [ ] مطلوب ففي ذلك فليتنافس المتنافسون.
والمعنى الثاني هو الحسد [ ] البغيض وهو تمني زوال النعمة من المحسود وهو مسألة نفسية لا ينجو منها أحد إلا بتدريب نفسه وتعويدها على الأخلاق [ ] الكريمة لأن النعمة تأتي من الله وحسب حكمته وتمنى زوالها إنما هو اعتراض على حكمة الله. وبهذا المعنى ورد في الحديث الشريف [لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا] وورد أيضا [إياكم والحسد [ ] فإن الحسد [ ] يأكل الحسنات كما تأكل النار [ ] الحطب] وورد كذلك [ثلاثة لا ينجو منهم أحد وقل من ينجو منهم الظن والطيرة والحسد]. والمعنى الثالث يقصد به التأثير المادي الملموس الذي يحدث للمحسود بتأثير من الحاسد وهو ما نطلق عليه النظرة أو العين. والحسد [ ] بالمعنى الأول الطيب لن نتحدث عنه.
الفرق بين الحسد [ ] السيئ والعين:
الحسد [ ] شعور نفسي يتمنى فيه الحاسد زوال النعمة من المحسود كراهة فيه، أما العين [ ] فهي شعور نفسي يتمنى فيه الناظر زوال النعمة من المنظور لاستكثارها عليه وهذا الاستكثار قد يكون مصحوبا بالكراهية أو لا، ولذلك قد يحسد الحاسد ولده. والحسد [ ] أيضا شعور داخلي يمكن أن يوجد في جميع الأشخاص، أما العين [ ] أو النظرة فهي حالة توجد عند البعض فقط.
والحسد [ ] أيضا شعور أخلاقي يمكن مقاومته بالإرادة وحسن الخلق، أما النظرة فهي حالة شبه حيوية لا يمكن للشخص منعها. والحسد [ ] يتم بمجرد علم الحاسد بنعمة المحسود، فيمكن لشخص هنا أن يحسد شخصا آخر في فرنسا أو الصين إذا علم أن عنده نعمة وتمنى زوالها، لكن النظرة لا تتم إلا برؤية الناظر للمنظور. ولا يتفاوت مقدار الحسد [ ] من شخص لآخر لكن يتفاوت مقدار النظرة.
والحسد [ ] الذي ورد في القرآن الكريم [ ] هو الحسد [ ] بمعنى تمني زوال النعمة عن المحسود كراهية فيه، وقد ورد في أربعة مواضع. الموضع الأول في سورة الفلق في قوله -تعالى- [ومن شر حاسد إذا حسد]، والموضع الثاني في قوله -تعالى- من سورة البقرة [ ] [ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم]، والموضع الثالث في قوله -تعالى- من سورة النساء [ ] [أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله]، والموضع الرابع في قوله -تعالى- من سورة الفتح [فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا].