لم تكن واقعة فتاة جامعة القاهرة هى الأولي، كما أنها لن تكون الأخيرة، لكن الأمر الذى لا خلاف فيه، أننا أمام العديد من صور الانفلات داخل المجتمع، خاصة بعد ثورة يناير 2011، لعل أبرزها وأخطرها هو الانفلات الأخلاقي، الذى كان التحرش الجماعى بفتاة داخل الحرم الجامعى واحدة من صوره.
وفى حين يلقى البعض اللوم على الشباب لسوء أخلاقهم وتردى سلوكياتهم، يتهم آخرون الفتاة ذاتها بأنها هى التى سمحت بذلك حين لم تلتزم بثياب العفة وعدم الإثارة.
أما علماء الدين فيرون أن المسئولية فى ذلك مشتركة بين الفتاة والشاب والمجتمعبأسره، وطالبوا بتفعيل دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية للتصدى لتلك الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية.
يقول الدكتور جاد مخلوف جاد، الأستاذ بكلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر، إنه من الخطأ النظر إلى مثل تلك الأمور بنظرة أحادية من زاوية معينة بمعزل عن غيرها من الزوايا، بمعنى أنه إذا أردنا الإصلاح وعلاج هذه الظاهرة فعلينا أن نحيط بمقومات هذا الإصلاح، وأن يقوم كل بدوره أما عندما يتخلى البعض عن دورهفهنا يحدث الخلل ونرى ما نرى اليوم. فشيوع التحرش هو نتيجة عدم الأخلاق لدى الجانبين الشباب والفتيات، وانعدام القيم التى تعين العبد على طاعة الله، وابتغاء مرضاته فى كل شيء، وإن أخطأ الآخرون وساءت الظروف المحيطة به.
غياب التربية
وحمل د. مخلوف أولياء الأمور والأسر المسئولية الكبرى فى فساد أخلاق أبنائهموبناتهم، بعدم تربية أولادهم على التقوى والطاعة، والصدق والأمانة، وغض البصر وصيانة الأعراض، وغير ذلك من القيم التى نجنى ثمار افتقادها صباح مساء. وأشار إلى أن توجيهات القرآن الكريم تحفظ النفس والمجتمعات من مثل تلك الظواهر، حينما يأمرنا الله تعالى فى سورة النور بغض البصر وعدم إظهار زينة المرأة لغير محارمها، فيقول سبحانه: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِى الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
وأضاف: أن الأصل والواجب على الفتاة ألا تبدى زينتها لغير محارمها، وان تلتزم بثياب العفة ويكون زيها مطابقا للحجاب الشرعي، واسعا فضفاضا لا يصف ولا يشف ولا يثير، وليس زينة فى نفسه. والتزام الفتاة بهذه التعاليم، يجنبها التحرش بها.
فى الوقت نفسه فإن تقصيرها فى تلك التعاليم وإن كان لا يجوز شرعا وتؤثم عليه المرأة، فإن ذلك لا يبرر أيضا للرجال أو الشباب بالتحرش أو النظر إلى ما حرم الله.
وطالب د. مخلوف الجامعات بأن تعمل على الحد من الاختلاط ولو نسبيا، بأن يتم التشديد على الفصل بين الشباب والبنات داخل المدرجات قدر المستطاع ، وعدم السماح للبنات بدخول الجامعة بملابس مبتذلة مثيرة، مع التصدى بحسم لكل صور الاختلاط غير اللائق بين الشباب والفتيات.
كما يجب على كل شاب ورجل أن ينظر لكل فتاة وامرأة على أنها إما أخته أو أمه أوابنته، وما يرضاه لأهله يرضاه للناس، وإن كانت الفتاة ملتزمة ظاهرا فبها ونعمت، أما إن كان بها تقصير فيدعو لها بالهداية، أو ينصح لها إن كان للنصيحة مجال.
وقد ورد أن شاباً أتى النبى (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله ائذن لى فى الزنا ، فقال له النبي: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلنى الله فداءك. قال: “ولا الناس يحبونه لأمهاتهم”.قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: “لا والله يا رسول الله، جعلنى الله فداءك”.
قال: “ولا الناس يحبونه لبناتهم”.قال: أفتحبه لأختك؟ قال: “لا والله، جعلنى الله فداءك”. قال: “ولا الناس يحبونه لأخواتهم”؟ قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: “لا والله، جعلنى الله فداءك”.قال: “ولا الناس يحبونه لعماتهم”.قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: “لا والله ، جعلنى الله فداءك”.قال: “ولا الناس يحبونه لخالاتهم”.قال – رواى الحديث – فوضع يده عليه، وقال: “اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه” فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
تشديد العقوبة
الدكتور زكى محمد عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر طالب بتشديد العقوبة على مرتكبى التجاوزات الأخلاقية داخل محاريب العلم، سواء كانت مدارس أو جامعات، وسواء كان المرتكبون طلابا أو أساتذة أو موظفين، لأن مكان تلقى العلميجب أن يكون طاهرا نقيا. وألا ينتهى دور المعلمين والأساتذة على التعليم وفقط، بل يحرصون على إعداد أجيال صالحة للمجتمع، ويكملون دور الأسر فى التربية، لذلك فإنها ليست مصادفة أن نجد التربية تسبق التعليم فى مسمى “وزارة التربية والتعليم”، وعلى الدعاة والوعاظ وعلماء الدين ألا يتجاهلوا مثل تلك المشكلات فى خطبهم ووعظهم، وأن يحرصوا على الأخذ بأيدى الشباب نحو الفضيلة ومكارم الأخلاق، مسايرة للواقع وعدم الانعزال عنه.على أن يمتثلوا منهج النبى صلى الله عليه وسلم فى الرفق وحسن التعامل مع الشباب عند نصحهم وتقويمهم، كما بين لنا الحديث السابقحتى عدل الشاب عن توجهه للرذيلة وتحول من المعصية إلى الطاعة. وحتى يكون النصح والتوجيه مفيدا يجب أن يكون المربون والمعلمون قدوة فى أنفسهم، فلا شك أن التوجيه بالقدوة أفضل سبل التعليم.
وأضاف أنه يقع على المجتمع أيضا دور فى التصدى لظاهرة التحرش، بالإيجابية وعدم السلبية، فحينما يكون أفراد المجتمع إيجابيين تقل الجريمة وتقل التجاوزات الأفراد، فإذا علم الذى يعاكس فتاة أو يتحرش بها أو من يعمد إلى إيذاء شخص فى مكان عام أو أى محيط به أشخاص، إذا علم أن من حوله سيتصدون له ويردعونه، ولا يباركون صنيعه، فساعتها سيضع لذلك حسابا ويتجنب الإساءة للغير، وإن لم يكن لديه وازع من دين.
توقيع العضو : Adel Rehan |
# اللعبة أن نثير العوآطف نحونآ , وبعدهآ تؤمنون بنآ , فلآ مجآل للصدفة فالقوآنين تجبركم على الاختيآر !!! A d e l R e h a n || 2014 - 2015 || E L M A S R Y Y . C O M |