رد الفاتيكان بغضب، أمس، بعدما اتهمه خبراء الأمم المتحدة بالتستر المستمر على جرائم تحرش القساوسة بالأطفال، وحثهم له على تغيير مواقفه من الإجهاض وحقوق المثليين جنسياً، واستخدام وسائل منع الحمل، إذ اتهم الفاتيكان لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة بتحوير الوقائع المتعلقة باعتداءات جنسية على أطفال، معتبراً أن تقريرها الذى أصدرته، أمس الأول، معد سلفاً.
واتهم سفير الفاتيكان بالأمم المتحدة فى جنيف، الأسقف سيلفانو توماسى، لجنة حقوق الطفل بتجاهل جهود الفاتيكان التى بذلت مؤخراً لمنع الاعتداء على الأطفال، والانحياز إلى جماعات حقوق المثليين. وقال توماسى لإذاعة الفاتيكان، أمس الأول، إن «المنظمات غير الحكومية المهتمة بشؤون المثليين الجنسيين وزواجهم والمسائل الأخرى قدمت آراءها بشكل مؤكد بطريق أو بأخرى، وكرست الخط الأيديولوجى». وأضاف توماسى أن تقرير اللجنة «يمكن القول عنه إنه أُعد سلفا، قبل اللقاء مع وفد الكرسى الرسولى»، وتابع أن هذا التقرير «لا يبدو أنه تم تحديثه»، مشيراً فى هذا الخصوص إلى عدم إشارة التقرير إلى الإجراءات التى اتخذتها الكنيسة الكاثوليكية فى حق مرتكبى هذه الاعتداءات، وأكد أنها «وقائع وبراهين لا يمكن تحويرها».
كما اعتبر الفاتيكان، فى بيان، أن خبراء الأمم المتحدة الذين يحثونه على إجراء تحقيق علنى بشأن جرائم التحرش الجنسى بالأطفال من جانب كهنة «يتدخلون فى تعاليم الكنيسة الكاثوليكية». وأشار الفاتيكان إلى أنه ملتزم بـ«الدفاع عن حقوق الأطفال وحمايتها، بما يتفق مع مبادئ اتفاقية حقوق الطفل ومع القيم الأخلاقية والدينية للمذهب الكاثوليكى»، مؤكداً فى الوقت نفسه أنه سيُخضِع تقرير الأمم المتحدة «للدراسة والفحص الشامل».
وكانت اللجنة قد نشرت تقريرا لاذعاً وغير مسبوق، أمس الأول، حمل انتقادات شديدة للسياسة التى يتبعها الفاتيكان فى التعاطى مع قضايا الاعتداءات الجنسية بحق أطفال، والتى تبين أنها واسعة النطاق، وأن المتهمين فيها بشكل رئيسى هم أعضاء فى السلك الكهنوتى. وطالب التقرير الكرسى الرسولى بإحالة المتهمين بهذه الارتكابات إلى القضاء. كما دعت اللجنة الفاتيكان إلى السماح بالإجهاض فى الحالات القصوى والتأكد من قيام المدارس الكاثوليكية بإبلاغ الطلاب عن وسائل منع الحمل ومنع التمييز ضد المراهقين المثليين.
وعلى مدى عقود تلطخت سمعة الكنيسة الكاثوليكية بفضائح القساوسة الذين مارسوا الاعتداء الجنسى على الأطفال فى جميع أنحاء العالم. واتضح الشهر الماضى أن الفاتيكان فصل ٤٠٠ كاهن تقريباً بسبب اتهامهم بالتحرش بالأطفال خلال عامى ٢٠١١ و٢٠١٢. وتعد تلك المرة الأولى التى يجد فيها الكرسى الرسولى نفسه فى مرمى سهام لجنة تابعة للأمم المتحدة، المنظمة التى تعتبر دولة الفاتيكان عضوا مراقبا فيها، علماً بأن قرارات هذه اللجنة ليست ملزمة.
من ناحيتها، اعتبرت جماعة مدافعة عن حقوق ضحايا الاعتداءات الجنسية من قِبَل الكهنة تقرير الأمم المتحدة دعوة للاستيقاظ للسلطات المعنية بتنفيذ القانون المدنى لملاحقة الكهنة الذين يرتكبون جرائم الاعتداء الجنسى على الأطفال. وقالت باربرا بلين، رئيسة شبكة الناجين من الاعتداءات الجنسية من قِبَل الكهنة (سناب): «أصبح الأمر الآن متروكاً للمسؤولين المدنيين لأن يحذوا حذو الأمم المتحدة، وأن يتقدموا لحماية الضعفاء، لأن مسؤولى الكنيسة الكاثوليكية إما عاجزين أو غير راغبين فى القيام بذلك».