أكثر الأشياء بساطة هي التي تنجح
اضطر، وليام روزنبرق، أن يترك الدراسة مكرها بعد أن أفلس والده. عمل وليام وهو في سن الرابعة عشرة في توصيل البرقيات لدى شركة ويسترن يونيون للحوالات البنكية، ثم انتقل للعمل بائعا متنقلا للآيسكريم لدى شركة كبرى تدرج فيها حتى صار مسؤول مبيعات.
بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حرص وليام على أن يعمل مستقلا. رأى أن أفضل ما يمكن أن يقوم به هو تأسيس شركة صغيرة تعمل على توصيل الطعام للموظفين في مكاتبهم وعمال البناء في مواقعهم.
اعتمد وليام في قراره على تجربته الشخصية. لقد كان يشعر بحفاوة بالغة كلما أوصل برقية إلى عميل، أو أوصل آيسكريم إلى زائر. أحس أن الأشخاص يكنون له تقديرا خاصا إثر ما يقوم به من أجلهم.
ازداد إيمان وليام بموقفه عندما افتتح شركته الخاصة، لتوصيل الطعام، التي بدأت بشاحنة صغيرة، يقودها بنفسه، لكن سرعان ما وصل العدد إلى نحو 200 شاحنة في أقل من عامين. كان زواره على استعداد لدفع أجرة إضافية للتوصيل على أن يتكبدوا وعثاء التبضع وارتياد المطاعم خلال فترة استراحتهم في العمل.
قرر وليام أن ينتهز فرصة الإقبال على خدمته عبر افتتاح مطعم باسم ”أوبن كاتل” عام 1948؛ ليكون المصدر الرئيس للوجبات، التي يوزعها سائقوه، ومقصدا لأهالي ماساتشوستس. لكن لم يكتب لهذا المطعم النجاح. كان رواد المطعم يتركون الأطباق الرئيسة ويطلبون دونات وقهوة فقط. تكدست اللحوم وفسدت الفاكهة والخضراوات في مطعمه. قام بتغيير الطهاة غير مرة دون جدوى. ظل الزوار يترددون على المطعم يقطفون الدونات ويغادرون. واجه المشكلة نفسها مع عمال البناء، الذين يوصل إليهم طعامهم بمركباته. كانوا يطلبون الدونات من القائمة ويتركون البقية.
أول مقر لـ دانكن دونتس، تأسس عام 1950
أجبرته الخسائر، التي يتكبدها إلى تغيير اسم المطعم إلى ”دانكن دونتس” عام 1950، يقدم فقط تشكيلة من الدونات، والقهوة. كان وليام يعتقد أن المشروع سينجح لكن ليس بهذه الصورة. لقد أصبح المحل الصغير يكتظ بالزوار منذ افتتاحه يوميا حتى إغلاقه ما دعاه إلى افتتاح محال أخرى لتلبية الإقبال المتزايد عليه.
ونمت اليوم سلسلة ”دانكن دونتس” لتصل إلى 15 ألف فرع في نحو 37 دولة حول العالم.
وليام روزنبرق، يمين، محتفلا بنجاح علامته التجارية، قبل وفاته بسنوات قليلة (توفي في 22 سبتمبر 2002)
يشير، وليام روزنبرق، إلى أن الأشياء البسيطة هي التي تنال الإعجاب. يقول: ”ارتكبت خطأ بالتوسع، وتميزت بعد أن تخصصت”.
أكثر الأشياء بساطة هي التي تنجح. عندما نمنح هذه الأشياء عنايتنا وتقديرنا ستلمع وتتألق. توسع الأعمال التجارية وحتى العلاقات الإنسانية يضرها ولا ينفعها. أن تملك أصدقاء قليلين وتسقيهم سيرتفعون وترتفع، لكن أن تملك شجرة من العلاقات دون أن ترويها ستذبل.
يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: ”أحب الأعمال إلى الله: أدومها وإن قل”.
الكثير من رواد الأعمال لا يلبثوا أن ينجحوا في مجال حتى شتتوا أذهانهم في أخرى.
ألاحظ أيضا أن الكثير من المبدعين والمتألقين يقترفون خطأ بالغا في هذا العالم عبر التوافر في كل قنوات التواصل الاجتماعي بشهية مفتوحة ورغبة جامحة في النجاح فيها جميعا رغم أن المرء عندما يركز في عمل أو اثنين قد يحقق نجاحا أكبر وأبلغ.
التوسع سيؤثر في جودة العمل ونضارته، بينما التركيز يصقله ويزينه.
جميل أن نرعى أشياءنا الصغيرة، التي نبرع فيها، حتى تكبر هذه مع مرور الوقت، لتظلنا بظلها وتمنحنا الفيء والثمر والخير العميم.
مما راق لي