حمي الهجرة الجماعية فرضت نفسها علي لاعبي الأهلي في الآونة الأخيرة, في ظل عدم وضوح الرؤية حول انطلاق الدوري واستمراريته, هذا من جانب,
ومن جانب آخر هي ورقة ضغط يستخدمها اللاعبون الذين انتهت عقودهم لتحقيق أكبر مكاسب, لأنهم يعلمون جيدا ان مسألة الاحتراف ليست سهلة, وان إدارة النادي لن تفرط فيهم.
ويخشي الجميع انفراط عقد الفريق, خاصة بعد ترحيب أكثر من لاعب بعدم التجديد في هذا الوقت, بدليل ترحيب احمد فتحي دينامو الأهلي بالانتقال إلي الدوري السعودي في يناير المقبل عن طريق بوابة نادي الهلال, بجانب تلقيه عرضا من ليرس البلجيكي عن طريق زميله السابق حسام غالي, بالإضافة لعروض أخري يرفض الإفصاح عنها.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لوليد سليمان, الذي قد يجد الفرصة في تأخر صرف مستحقاته, للانتقال للإمارات.
أما عماد متعب العائد بقوة, والذي ظهر بشكل مختلف في البطولة فيبحث هو الأخر عن فرصة خارج مصر, لشعوره بأن الأمور لن تكون سهلة.
ومن ناحية أخري انتابت جماهير الأهلي وعشاقه حالة من الهلع, بعد السقوط المدوي للفريق في مونديال المغرب, وتعرضه لهزيمتين قاسيتين أمام بطلي الصين والمكسيك, وخروجه خالي الوفاض من البطولة, فيما يعد صدمة أعادت فتح الجراح القديمة, وجددت المخاوف من شبح بدأ يطل برأسه علي عشاق القلعة الحمراء, عندما ابتعد الفريق عن الصورة في بداية الألفية الثالثة وعاش أربع سنوات عجاف, فقد خلالها الكثير من البطولات.
تأتي مخاوف الأهلوية بأن المشهد يعيد نفسه, والسيناريو يبدو قريبا, مع اختلاف الأسماء والظروف, ففي نهاية موسم1999, رحل الألماني تسوبيل بعد مشوار حافل, ورحل معه ست لاعبين جردوا الفريق من أنيابه, مابين احتراف, وبين غرور أصاب الإدارة, وإنتقل التوءم حسن إلي الزمالك, وطار عمارة وكمونة ويوسف إلي المانيا, وتركيا, وياسر ريان الي قطر, واعتزل اسامة عرابي, وابتعد محمود أبو الدهب, وتعرض الأهلي لمحنة قاسية, عاشتها جماهيره حتي جاء الفرج بعد سنوات.
وهاهي الصورة تكررنفسها من جديد, وابو تريكة حزم حقائبه, وجمعة يفكر, وستة لاعبين انتهت عقودهم, وكل يبكي علي ليلاه, ولكن يبقي الكيان صامدا امام هذه المتغيرات والظروف الصعبة,.
يبقي أن ماتعرض له الأهلي في مونديال المغرب, ليس بمفاجأة ولكنه كان متوقعا, وكان علي العقلاء, والمحللين والمراقبين, أن يقرأوا الأوراق جيدا, لأن ماحدث في كوماسي ليس بعيدا عن المغرب, وأنهما وجهان لعملة واحدة.
ولن تكون الهزيمة نهاية العالم, والا ماكان جوزيه تنبأ عند زيارة الأهلي بأن الفريق سيتعرض لمحنة جديدة في مونديال المغرب, لكن لم يهتم أحد بكلامه, ولعل زيارة مارتن هيجل مدير العلاقات الخارجية لفريق بايرن ميونخ بعد خماسية مونتيري, وتصريحه بأن مايمر به الأهلي سبق وتعرض له العملاق البافاري, لكننا لم نستسلم, لأن هذا قدر الكبار.
لاشك ان الهزيمة في كرة القدم أمر طبيعي, ولكن الفرق الكبري هي التي تستطيع ان تستفيد من هذه المحن, وتخرج منها قوية, بعد إعادة تصحيح المفاهيم والإعتراف بالأخطاء التي إرتكبت, ومصارحة الجماهير بالواقع دون الإلتفاف حول الأمور, وقتها تكسب الإدارة احترام نفسها وإحترام جماهيرها. وتم رصد العديد من الأخطاء التي تحتاج لإعادة نظر من الجميع, لتلافيها والإستفادة منها.
أولا: تتحمل لجنة الكرة, ومن قبلها مجلس الإدارة مسئولية مايحدث للفريق الأن, مع الإعتراف بالظروف المادية, وعدم الاستقرار, إلا أن الإدارة شعرت ان الفوز ببطولة افريقيا لمرتين متتاليتين, دون اي تغيير في الفريق أصبح أمرا عاديا, دون ان يتم التفكير في المستقبل.
ثانيا: تفريط المدرب الوطني يوسف ومن قبله البدري في حقوقهما, التي تسقط حياء أمام إدارة الكرة, والتي تتعامل معهم من منطلق تسيير الأمور والرضا بالأمر الواقع, بعكس الوضع مع اي مدير فني أجنبي وخاصة مانويل جوزيه.
ثالثا: الفشل في إيجاد بديل لعدلي القيعي, يمتلك نفس الخبرة, وكان من نتاج ذلك خسارة الفريق أكثر من ثلاث صفقات مهمة, بسبب عدم القدرة علي التفاوض, وإنهائها بشكل حازم, وأبرزهم مؤمن زكريا لاعب إنبي, ومحمد زيكا لاعب المقاولون السابق, وحازم إمام مدافع الزمالك الذي ضاع بسبب200 ألف جنيه.
رابعا: تتحمل لجنة الكرة مسئولية تشتيت اللاعبين الذين أوشكت عقودهم أن تنتهي, وتركتهم فريسة للوكلاء الذين طاردوهم في القاهرة, أبرزها وكيل نادي الهلال السعودي الذي عقد اجتماعا مع ثلاثة لاعبين قبل الذهاب للبطولة.
خامسا: تشارك جماهير الألتراس بشكل او بأخر في المحنة التي تعرض لها الفريق الأن والتي تدعي انها تحب الأهلي, مع ان تصرفاتها تعكس مدي انانيتها, بدليل تحول الفريق الي طريد يبحث عن ملعب, ويلعب مبارياته الودية سرا, ويهاجم لاعبوه ويسبون في مطار القاهرة, تحت حقيقة واحدة يحاولون ان يفرضوها, إدعاء انهم اصحاب الفضل في انتصارات الفريق, في الوقت الذي حصل الاهلي علي بطولتي افريقيا بدون جماهير, ناهيك عن ان ادارة الاهلي هي من سمحت لهم بهذه التجاوزات, نظرا لضعفها امامهم, وعدم القدرة علي مواجهتهم.