أهلاً وسهلاً بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه
[b][b][b][b]الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ [b]فسبحان الله العظيم وبحمده، له الحمد كما يقول وخيرًا مما نقول لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، يداور الأيام بين الناس ، مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
أرأيتم كيف تحولت القلوب المليئة بالخوف والهلع والرعب من ظلم الظالمين التي داهنت في الحق وأمنيتها أن تكون من المقربين؛ فإذا بها تمتلئ قوة وجرأة في وجه الظلم وتنزعه من سلطانه بعد أن نزعت هيبته أولاً، وانتقل الخوف والرعب إلى قلوب الظالمين بحكم عدل ممن قال في كتابه: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) (آل عمران:151)، والذي قال في كتابه: (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:81-82).
فمن ظلم الظلم الأكبر حصل له الرعب بأكمله؛ لأن الله الذي خلقه في قلبه حتى وإن كان في قوة السلطان، ومن ظلم ما دون ذلك وظلم نفسه بظلم العباد والمعاصي فله بقدر ظلمه من الخوف والرعب وإن كان يبدو للناس أنه في أمان وحماية، ولكن سرعان ما تتقلب القلوب والأحوال بقدرة الله. هل يمكن أن يتخيل أحد أن يحدث هذا التغير في مصر خلال شهر واحد؟! ولا يزال التغيير مستمرًا بقدرة الله -عز وجل-؛ فلقد رأيت في كثير من المناطق التي لم تطأها قدم أحد من أهل العلم والدعوة جمعًا كبيرًا من الملتزمين بشرع الله، فتعجبتُ: من أنبت هؤلاء؟! قلتُ: الله أنبتهم! فما زرع منا أحد، فلقد بقينا نحو 17 عامًا ونحن لا نستطيع الخروج من الإسكندرية، ومع ذلك صار البذر أشجارًا يانعة من زرع الله بفضله ورحمته. فرغم حملات التشويه والتخويف والرعب جاءت النتيجة عكسية، فهذا هو ما أثمرته كل المحاولات من إبعاد الناس عن المولى، ومحاولة اتهامهم بكل التهم المنفرة؛ أراها كالشمس واضحة أمامي آية من آيات الله: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ)(فاطر:43)، سنة ماضية لا يمكن أن تتبدل: (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب:62). فعاقبة الظلم إلى بوار: (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)(يونس:39)، ترونها بأعينكم ذلاً وخسرانًا وحسرة وكربًا... لنتعظ كيف يكون الحال في القبور، وكيف يوم النشور، وحين يحشر الناس حفاة عراة؛ لنعرف حقيقة الدنيا التي ما زالت في قلوب أكثرنا، ما زالت هي المحرك للكثيرين منا وإن كانت أحيانًا باسم الدين وبلباس الدين. نفوسنا الأمارة بالسوء مختبئة تريد أن تأخذ حظها حتى العمل من أجل الإسلام؛ لذلك يجب أن نتعظ لنعرف كيف تؤول الدنيا بأهلها وقلة وفائها وخسة شركائها وكثرة جفائها، تهين من طلبها وتكرم من جعلها وراء ظهره،
من جرى وراءها أذلته وأهانته وألقته، فلو قلت للكلاب لأساء ذلك الكلاب، ولكنها تلقيه إلقاء للشياطين (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ . فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (الحشر:16-17). فليجعل الإنسان الدنيا كما خلقها الله نعلاً في قدميه يسير به إلى ربه -عز وجل-، لا يجعلها تاجًا فوق رأسه -فضلاً أن يجعل هذا النعل الممزق محل قلبه!-؛ ككثير من الخلق يجعلون الدنيا التي خلقها الله لتكون نعلاً لنا نسير بها على طريقنا إلى الله -عز وجل- تاجًا يضعونه فوق الرؤوس، وصاروا يتباهون في الناس ألا ترون التاج الذي فوق رأسي، (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) (الزخرف:51)، الفسق الذي جرهم إلى أن يطيعوا مثل هذا (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) (الزخرف:55). أكثر الناس فعلوا مثل ذلك وجعلوا النعل الممزق القديم البالي تاجًا فوق الرؤوس، وقالوا: انظروا إلى التيجان والملك والسلطان، فأما العقلاء فقالوا: سبحان الله لا يرى نفسه يضع نعلاً فوق رأسه ويسميه "تاجًا" (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ)(القصص:80)، فخسف الله بقارون وبقي من كان يتمنى ما لقارون يقول: (وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ . تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص:82-83).