أكبر النار من مستصغر الشرر. شائعة قوية في وقت الإضطراب والفتنة تولد الإنفجار!! وإذا أضيف لها عنصر سرعة النقل عبر شبكات التواصل الإجتماعي وشبكة الإنترنت ووكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والتليفزيون ستكون قنبلة متفجرة تسفر عن حروب ودمار وخراب وآلاف من الضحايا لمدة ليست بالقصيرة!!
هذا ما حدث مؤخرا عندما تم تداول تصريحات معادية للإسلام منسوبة لرئيس أنجولا ووزيرة الثقافة عبر شبكة الإنترنت. ولكن كان من المثير للقلق أن الشائعة الخاطفة جاءت مسبوقة بدلائل تعضدها.
ماهي إلا ساعات تلت إذاعة التصريحات غير المؤكدة حتي تدفقت ردود الأفعال من أركان العالم وساد الإحتقان المصحوب بالغضب وخرجت أصوات الشجب والإدانة من شتي أنحاء العالم الإسلامي.
وبعد ساعات من انتشار الأنباء وردود الأفعال خرج أحد المسئولين في سفارة أنجولا بالعاصمة والأمريكية واشنطن ليكذب الخبر عبر موقع صحيفة إنترناشيونال بيزنس تايمزالأمريكية( وهي ذات الصحيفة التي بادرت بنشر الخبر منذ البداية) مؤكدا أن أنجولا لا يوجد بها حظر علي الأديان.
وأكد الدبلوماسي الأنجولي أن إحدي الصور الواردة مع الخبر علي موقع الإنترنت علي أنها محاولة لهدم مسجد في أنجولا عام2012 تم العثور عليها علي شبكة الإنترنت بتاريخ يناير2008 حيث تم إلحاقها بخبر يتعلق بهدم منازل البدو العرب في إسرائيل! بينما أشار دبلوماسي آخر إلي أن رئيس البلاد كان يقوم برحلة خارجية علي مدي الأسبوع وأن التصريحات المنسوبة له ظهرت في صحيفة نيجيرية وهو ما لايتماشي مع نشاط رئيس البلاد خلال تلك الفترة! كما أنكر الدبلوماسي علمه بتصريحات الوزيرة مؤكدا أنه لم يطالعها في الصحف الأنجولية!
ولكن بعيدا عن الشائعات والتصريحات غير المؤكدة, وكما جاء بالمقولة الشهيرة لايوجد دخان بلا نار, فإن التقرير الدولي للحريات الدينية لعام2012 الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية وثق العديد من الإنتهاكات التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون في أنجولا.
فبوجه عام يحمي الدستور وباقي القوانين والسياسات الحريات الدينية. وقد حدد الدستور أنجولا بوصفها دولة علمانية تفصل بين الكنيسة والدولة. وتعترف الدولة وتحترم مختلف الجماعات الدينية التي تحظي بحرية التجمع وممارسة أنشطتها وعباداتها إذا ما إلتزم أتباعها بالدستور والقوانين.
ولكن وفقا للقوانين يتحتم علي الجماعات الدينية التقدم بإلتماس للحصول علي صفة قانونية من وزارتي العدل والثقافة. ويعطي الوضع القانوني الجماعات الدينية الحق في التصرف كأشخاص قانونية في النظام القضائي, ويؤمن مكانتهم بوصفهم جماعات دينية مسجلة رسميا, ويسمح لهم ببناء المدارس وأماكن العبادة. وبموجب القانون, يجب أن يكون تعداد الجماعة الدينية أكثر من100 ألف عضو وأن يكون إنتشارهم ووجودهم فيما يتراوح بين12 و18 مقاطعة للحصول علي وضع قانوني. وبموجب القانون يجب أن يقدم الزعماء الدينيون معلومات عن فلسفة أو مذهب جماعتهم, والهيكل التنظيمي, والموقع الجغرافي.
وقد رصد التقرير الأمريكي العديد من العراقيل والإنتهاكات التي مورست في أنجولا ضد الأديان بوجه عام والإسلام علي وجه الخصوص خلال عام.2012
فالحكومة تعترف بـ83 جماعة دينية مسجلة, ولكنها لم تسجل أي مجموعات جديدة بما فيها الإسلام. وكانت آخر مرة تم التسجيل فيها لجماعة دينية في عام.2004 ومنذ عام1991 تقدمت أكثر من900 منظمة للحصول علي الإعتراف القانوني بها دون جدوي. ولم تمنح الحكومة الوضع القانوني لأي مجموعات مسلمة. وبالتالي إستمرت أكثر من ألفي منظمة بالعمل دون وضع قانوني. وقد سمحت الحكومة لهذه المنظمات بالوجود والقيام بوظائفها والنمو دون منحها الاعتراف القانوني.
وقد ذكر قادة مجموعة مسلمة للأمريكيين أن المسلمين لا يمكن أن يمارسوا الإسلام بحرية لأن الحكومة لا تعترف بالإسلام وتتدخل بشكل إنتقائي لإغلاق المساجد, والمدارس, والمراكز المجتمعية. وعلي الرغم من تأكيد المسئولين الحكوميين حماية الجماعات الدينية التي لم تحصل علي وضع قانوني وأنها لم تضع سياسة لإغلاق المساجد أو المرافق الإسلامية الأخري, فإن هناك عدة تقارير حول قيام السلطات المحلية بإغلاق المساجد أو منع البناء!!
وتجدر الإشارة إلي أن سكان إنجولا الـ20 مليون نسمة. وغالبية السكان من المسيحيين. وتقدر الكنيسة الرومانية الكاثوليكية أن55% من السكان هم من الكاثوليك, في حين تقدر الحكومة أنهم70%. ويوجد مابين400 و500 يهودي أغلبهم من الإسرائيليين العاملين في أنجولا الغنية بالموارد الطبيعية وفي مقدمتها الماس. ويوجد مجتمع إسلامي صغير في أنجولا, يقدر بصورة غير رسمية بين80 و90 ألف شخص, معظمهم من المهاجرين من غرب أفريقيا أو من أصل لبناني. وقدرت بعض المصادر غير الرسمية أعداد المسلمين بـ500 ألف شخص.
ويبدو من الواضح أن الهجمة العالمية علي الإسلام والزج بالأديان في أمور السياسة قد أتت ثمارها المرة الشريرة وأصبح علي حكماء وعقلاء العالم بذل المزيد من الجهد والتعاون معا لوقف نار الكراهية والدمار والخراب.