يحدث الآن تغيير في تعامل بعض الدول مع المصادر التقليدية لمشترياتها من السلاح, فبعد أن كانت الولايات المتحدة هي المصدر الرئيسي للتسلح لكثير من الدول خاصة في العالم الثالث .
فقد بدأت تدخل مجال المنافسة معها دول أخري يمكن أن تغير من الوضع الذي تتمتع به الولايات المتحدة لسنوات طويلة ويمثل بالنسبة لها مصدرا مهما ورئيسيا لاقتصادها.
وسادت حالة من الاهتمام في الدوائر الإعلامية المهتمة بمصادر تجارة السلاح في العالم بعد نشر تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام, وهو المعهد الذي يتضمن نشاطه مبيعات السلاح في العالم, جاء فيه أن صادرات الصين من السلاح والتي تشمل الطائرات والصواريخ والمدفعية والسفن الحربية قد قفزت خلال الفترة من عام2008 وحتي عام2012 بنسبة162% مقارنة بالأعوام الخمسة السابقة. بحيث أصبحت الصين هي خامس أكبر مصدر للسلاح في العالم متقدمة بذلك علي بريطانيا, وبعد أن كانت الصين حتي عام2007 تحتل المرتبة الثامنة.
كانت أكثر الدول قلقا علي احتمال حدوث تحول في السوق العالمية للسلاح هي الولايات المتحدة خاصة أنها المصدر الأول لمبيعات السلاح في الشرق الأوسط والتي زادت مبيعاتها من بعد حرب الخليج عام.1991
وبصفة عامة مازالت الدول النامية تعتمد في مشترياتها للسلاح علي مصادر أجنبية خاصة الولايات المتحدة, كما أن هناك عشر دول نامية تستورد نسبة61% من إجمالي مشتريات الدول النامية للسلاح, وذلك حسب إحصاءات الفترة من عام2004 وحتي عام.2012
وطبقا لما ذكره تقرير المركز الأمريكي لمعلومات شئون الدفاع فإن الولايات المتحدة صدرت أسلحة إلي18 دولة من بين25 دولة في العالم النامي تشهد نزاعات مسلحة, وأن أكثر من نصف هذه الدول مصنفة في قائمة وزارة الخارجية الأمريكية بأنها دول غير ديمقراطية, أي أن هناك تناقضا في السياسات الأمريكية حينما تعلن معارضتها لما تصفه بالممارسات الديكتاتورية لبعض الدول في العالم بينما هي تدعم أنظمة غير ديمقراطية وتبيع لها السلاح حتي لو كانت ستستخدمه ضد شعوبها, ومنها الكثير من الدول في افريقيا.
من بين الدول التي أقلقت الولايات المتحدة بدرجة كبيرة حليفتها تركيا التي وقعت اتفاقا مع الصين لشراء أسلحة, وجاء رد الفعل الأمريكي سريعا بأن أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية بأن المسئولين الأمريكيين أبلغوا الحكومة التركية قلقهم الشديد تجاه صفقة السلاح التي وقعتها تركيا مع الصين. ومن المعروف أن صادرات الولايات المتحدة من السلاح تمثل واحدا من أهم مصادر الدخل الاقتصادي للولايات المتحدة, بالإضافة إلي أن الصناعات العسكرية الأمريكية يعمل بها ملايين الأمريكيين الذين تعتمد حياتهم علي تشغيل هذه المصانع وزيادة إنتاجها, ومعني ذلك أن دخول دول أخري كالصين أو غيرها كمنافس للولايات المتحدة سوف يؤدي بالضرورة إلي ضياع صفقات من السلاح التي يمكن أن تبيعها الولايات المتحدة سواء لتركيا أو غيرها.
وقد صرح مروان لحود رئيس المؤسسة الأوروبية للتسويق العسكري لإنتاج الطائرات بقوله ان الصين سوف تنافسنا في مجالات كثيرة, وأضاف أننا في خلال فترة تتراوح ما بين ثلاث إلي أربع سنوات سوف نجد الصين في المقدمة بين المنافسين علي بيع السلاح في العالم.
ومن المعروف أن أوروبا كانت تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في مبيعات السلاح العالمي, ولكن التخوف الأوروبي أصبح واضحا من أن الصين سوف تتفوق عليهم.
وتقول صحيفة الهيرالد تريبيون الدولية في تقريرها المطول ان المسئولين الصينيين يعلمون أن دخول بلادهم مجال مبيعات الصناعات العسكرية التي يسيطر عليها الغرب سوف يثير كثيرا من القلق في الغرب. وقد سئلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية عن صفقة الصواريخ الدفاعية التي اتفقت عليها بلادها مع تركيا فردت بقولها ان صادرات الصين من السلاح لا تسبب أي ضرر للسلام والأمن والإستقرار, ثم أننا لا نتدخل في الشئون الداخلية للدول التي تستورد منا السلاح.
وفي إطار هذه المعلومات والقلق المثار حولها فقد بدأت بعض الجهات المتنافسة في مجال تجارة السلاح العالمي تشكك في كفاءة السلاح الصيني, حيث قالت بعض المصادر ان الصين مازال أمامها حوالي عشر سنوات حتي تستطيع أن تلحق بالدول الغربية في إنتاج تكنولوجيا السلاح, بالرغم من اعتراف هذه المصادر بأن السلاح الصيني يباع بسعر أقل من إنتاج الولايات المتحدة والدول الغربية, وهو ما منح السلاح الصيني شعبية وقبولا في أسواق الدول الافريقية وأمريكا اللاتينية.
وقد ذكر إيشو جوانجي, أحد الجنرالات المتقاعدين في الصين والذي يدير مؤسسة لصناعة السلاح, بأن الصين تعمل علي تطوير منتجاتها وقدرتها التكنولوجية العالمية. وقالت الدوائر المهتمة بسوق السلاح ان المسئولين عن الصناعات العسكرية الصينية وكذلك المحللين المختصين بتجارة السلاح يقولون ان الصين دخلت مجال المنافسة مع الدول الأخري بتخفيض كبير في مبيعاتها من السلاح, وهو ما جعلها تقتحم الأسواق العالمية وتهدد العرش الأمريكي الذي سيطر علي مبيعات السلاح العالمي لعدة عقود.
كما يعتبر بعض الخبراء أن روسيا أيضا تعمل علي تقوية قدراتها في الإنتاج وفي مجال التكنولوجيا الحديثة للسلاح لكي تستعيد وضعها القديم كمورد أساسي للسلاح لدول العالم الثالث, وهذا أيضا أمر يثير قلق الغرب والولايات المتحدة بصفة خاصة.
إن هذا التحول في السوق العالمية لتجارة السلاح أصبح يشير إلي إمكانية تنويع مصادر السلاح لدي الدول التي ظلت تعتمد طويلا علي مصدر واحد وترغب في أن يكون لديها أكثر من مصدر لشراء الأسلحة منه سواء لفارق السعر أو النوعية أو لرفض أي ضغوط من الدول التي تستورد منها والتي قد تمارسها عليها وتمنعها عنها, وذلك بعد دخول منافسين جدد في هذه السوق, وهذا التحول سوف يدفع دولا كثيرة لإعادة النظر في المصادر التقليدية التي اعتمدت عليها طويلا في تسليح جيوشها.