بسم اللة الرحمن الرحيم
لو عمل الإنسان ما عليه لله فإنه ينبغي أن يظهر عليه الدين الذي آمن به وارتضاه فيجب أن يكون لسانه كما قال الحبيب صلي الله عليه وسلم {إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ وَلا الطَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ}[1]
إذا تكلم فإنه يكون كما قال الله {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ}البقرة83
ويجب أن يكون كله على نهج كتاب الله في آيات الله إما أن يتصف بأوصاف عباد الرحمن في سورة الفرقان وإما أن يتصف بأوصاف أهل الإيمان في سورة الأنفال وإما أن يتصف بأوصاف الرجال في أوسط سورة الأحزاب
يتصف بالصفات العظيمة التي وصف الله أهلها وأثنى عليهم في محكم الكتاب لأنه يرجوا في سعيه في كل أحواله في دنياه أن يخرج من الدنيا وقد فاز برضا الله جلّ في عُلاه وينبغي أن يكون واجهة طيبة يرى فيها الناظر إليها أوصاف هذا الدين وتعاليم رب العالمين والصفات الطيبة التي كان عليها سيد الأولين والآخرين صلي الله عليه وسلم
ولذلك فإن من أكبر موجبات الصّد عن الإيمان بالله في زماننا هذا ما يقوله الباحثون الذين يرجون النجاة فإنهم يشاهدون أحوال المسلمين إن كان في أحاديثهم أو في أسواقهم أو في بيعهم وشرائهم أو في أي ناد أو مجتمع لهم ويقررون ذلك بما قرءوه عن هذا الدين وعن أوصاف القرآن الكريم للمؤمنين وعما كان عليه النبي وأصحابه الكرام فيجدون بوناً بعيداً وفروقاً شاسعة
فيجدون مسلمون بالاسم محمد وعلي وإبراهيم لكن الفعل يخالف هذه الأسماء الفعل يخالف تعاليم السماء والأخلاق تخالف هدى سيد الرُسل والأنبياء ويظن هؤلاء أنهم بُرءاء لأنهم يدخلون المساجد ويصلون لله مع قول الحبيب صلي الله عليه وسلم {أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ}[2]
يظن أنه من أهل الإيمان لأنه دخل المسجد وأدّى فيه ما يُشبه الصلاة للرحمن عز وجل في حين أنه خالف ما عاهد عليه الله المؤمن لابد أن يصدُق مع الله حتى يدخل في قول الله {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ}الأحزاب23
وأول العهود التي عاهدنا عليها الله بعد الإيمان بالله هو الصدق {اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} التوبة119)
الأمة هي أمة الصادقين لا يباح فيها الكذب حتى ولو في اللهو واللعب وكان نبينا صلي الله عليه وسلم يقول {إِنِّي لأَمْزَحُ وَلا أَقُولُ إِلا حَقًّا}[3]
فما بالكم ببقية الأوصاف التي نهى عنها الله والتي بين خطورتها على الأمة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فكل مشاكل الأمة لن تُحلّ إلا إذا تبرأنا جميعاً من أوصاف المنافقين وتخلقنا بأخلاق الله وأخلاق كتاب الله وأخلاق سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد قيل: إِنَّ فُلانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ {لا خَيْرَ فِيهَا هِيَ فِي النَّارِ}[4]
وهذا ما نراه الآن: صلاتك لنفسك عند ربك صيامك لنفسك تجده عملاً صالحاً لك عند ربك برك وصدقاتك لنفسك تجدها عند ربك تلاوتك لكتاب الله ينبغي أن تكون تدبراً لتعمل بما فيه ويرى الناس عليك هدى هذا الكتاب لكن الناس يرجون منك الصدق في القول والأمانة في المجالس والأمانة في البيع والشراء والوفاء بالوعد
الأخلاق الإسلامية هي البضاعة التي جمَّلَنا بها الله وأمرنا أن نكون عليها دوماً رسول الله ليرى الخلق جمال هذه الأخلاق فيدخلون في دين الله أفواجاً
إن الكافرين والمشركين الذين أمرنا أن نبلغهم وندعوهم إلى هذا الدين لا حاجة لهم ليدخلوا المساجد ليروا الراكعين والساجدين إن كانوا يطيلون الركوع أو السجود أو التلاوة فهذا لأنفسهم
وإنما يريدون أن يروا المسلمين في صفقة البيع في الكلمة التي يلتزم بها إذا خرجت من اللسان في الوعد الذي يعده ولو لطفلٍ صغير في المعاملات النادرة التي فتحوا وهزّوا بها عروش القياصرة والأكاسرة أدخلوا الناس في دين الله أفواجاً من جمال سمتهم وحسن أخلاقهم ومودتهم وحبهم لبعضهم وما كانوا عليه من شيم كريمة وأخلاق فاضلة أمرهم بها الله وجمَّلهم بها سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
[1] سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن مسعود
[2] الصحيحين البخاري ومسلم وسنن الترمذي عن عبد الله بن عمرو
[3] الطبراني عن عبد الله بن عمر
[4] مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عن أبي هريرة