يحكى أن كان في خدمة أحد الأمراء رجل حطّاب وكان في أثناء عمله المُضني ناقم
على فعل آدم و حواء لأنّهما كما يعتقد هما سبب شقائه وتعبه ، وكثيراً ما كان يقول:
…
لو كنت أنا وامرأتي مكانهما لما خالفت وصيّة الله السّهلة ولما كنت سبب شقاء
الجنس البشريّ .
فسمعه الأمير يوماً، فقال له: سأعاملك أنت وامرأتك كما أعامل الأمراء ،
فتسكنان قصري، وتنعُمان بهناء صاف. إلّا أنّي قبل أن أثبّتكما في سعادتكما،
سأمتحنكما امتحاناً بسيطاً، فإن تغلّبتُما على التّجربة عشتما في غِبطة و رغْدِ
عيش طيلة حياتكما. فَقبل الحطّاب فرِحاً ، وأتى بامرأته، وسكنا القصر الفخم .
راح الخدم يعتنون بهما كلّ العناية ، فشعرا بسـعادة لا توصف.
يوماً من الأيّام قَدَّم لهما الخدم مآكل شهيّة وبينها طبقاً مغطًّى وضعوه على
المائدة و قالوا لهما: يسمح لكما الأمير بأن تأكلا من جميع الأطعمة إلاّ ممّا في
هذا الطّبق ، وإذا ما كشفتما عنه طردكما من قصره، وانطلقوا.
بقي الزّوجان يحدّقان إليه . واشتدّت الفضوليّة عند المرأة، فقالت لزوجها: ألا
نرفع الغطاء لنرى ما فيه؟ وبعد إلحاح ، قبل طلبها. ورفعت المرأة الغطاء فطار
منه عصفور صغير وصرخت بأعلى صوتها لشدّة اندهاشها و فزعها.
وإذا الأمير يُقبِل وينزع عنهما زينتهما ويطردهما من قصره.
—————————————————
……لنحذر……
أن نعيب على العاصين أو الغافلين وننظر إليهم بعين الاحتقار فنبتلى بما ابتلوا
به … ولنثق أنّ أقدارنا بيد الله ولا يملك أحد أن يكون سبباً في سعادتنا أو
شقائنا … ولْنعش حاضرنا ولا نلتفت إلى الوراء ، ولْنوقد شمعة بدل أن نلعن الظّلام