حادث تفجير السفارة الإيرانية في بيروت الأسبوع الماضي الذي راح ضحيته25 قتيلا بينهم المستشار الثقافي الإيراني واصابة العشرات, لم يعد لغزا كغيره من حوادث التفجير السابقة التي ضربت مناطق عدة في لبنان بعد أن نجحت جهات التحقيق اللبنانية في تحديد هوية الإنتحاريين من خلال الحامض النووي بعد مطابقته مع والدي الجناة, وبذلك يكون الأمن اللبناني قد قطع شوطا بعيدا في مواجهة مثل هذه العمليات الإرهابية ونجح للمرة الأولي في الكشف سريعا عن الجناة ومعرفة منفذي التفجيرات.
وعلي الرغم من تحديد اسماء الانتحاريين إلا أن الشكوك لا تزال تحوم حول علاقتهما بتنظيم القاعدة أو الشيخ أحمد الأسير الهارب منذ شهور بعد دخوله في صدام مسلح مع الجيش اللبناني. والمؤشرات ترجح ارتباطهما بالشيخ الأسير. الانتحاريان هما اللبناني معين أبو ضهر والفلسطيني المقيم في لبنان عدنان المحمد.
والهجوم المزدوج الذي استهدف السفارة الايرانية الثلاثاء الماضي واوقع25 قتيلا وعشرات الجرحي, كانت قد تبنته مجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة, كتائب عبد الله عزام التي أكدت أنها قامت بالهجوم ردا علي مشاركة حزب الله في القتال الي جانب نظام الرئيس السوري الأسد. وكان ذلك اول هجوم علي المصالح الايرانية منذ اندلاع النزاع في سوريا والذي تدعم فيه طهران نظام بشار الاسد.
والدة معين للمفارقة هي شيعية والأب سني وهذا هو حال العائلات في لبنان, ذلك البلد الذي يئن من الطائفية غير أن نسيجه الإجتماعي شديد التشابك وعلاقات الزواج لاتعترف بهذه الطائفية, وبعد أن علمت الأم أن ابنها هو الانتحاري انخرطت في البكاء وظلت تصرخ طوال الليل خلف شباك منزلها حسب شهادة جيرانها.
عائلة أبو ضهر تسكن في منطقة حارة البستان في صيدا, حيث نشأ في بناية متواضعة كالحي بمجمله. البيت يبعد أمتارا عن مسجد البزري, وكان الشاب يتردد كثيرا ليتلقي دروس الدين في هذا المسجد التابع للشيخ الفار من العدالة اللبنانية أحمد الأسير والمتهم بالاعتداء علي الجيش, وكان يدير الجامع الشيخ الحنيني.
ولد معين عام1992, ودرس في ثانوية الإيمان هناك, ولم يكمل دراسته لأنه لم يرغب بالتعلم, ولم تكن تظهر عليه أي من علامات التطرف إلا أن العائلة كانت تعاني من مشاكل مادية وعائلية كبيرة. والده تزوج ثلاث مرات ويعمل سائقا لشاحنة نقل عمومي, ومعين وحيد أمه الشيعية, التي هاجر معها الي السويد عند إخوتها, لكنه ما لبث أن عاد الي صيدا قبل اشتعال الاشتباكات الأخيرة بين جماعة الشيخ الأسير والجيش, ثم تواري عن الأنظار. ويؤكد بعض سكان ساحة البستان, أن المرة الأخيرة التي ظهر فيها معين كانت قبل أربعة أشهر ولم يكن ملتحيا حينها, وحتي عائلته لم تكن تعرف عنه شيئا سوي أنه قد يكون في الكويت.
وآخر مرة اتصل بوالده قبل الانفجار بثلاثة أيام قال له: انتبه علي امي وإخواتي وسامحني, وكان اتصاله من رقم مجهول. وبعد وقوع الانفجار أمام السفارة الإيرانية وبعد تعميم الجيش اللبناني صورة أحد الانتحاريين, توجه الوالد الي فرع المخابرات في صيدا وأبلغهم أن صاحب الصورة هو ابنه معين.,
أما عائلة عدنان المحمد أصدرت بيانا تدين وتستنكر بأشد العبارات هذا العمل الاجرامي وتعلن تبرؤها منه ومن هذا العمل الذي لا يخدم سوي العدو الاسرائيلي.
وقالت القيادة الفلسطينية إن مشاركة فلسطيني في الهجوم علي السفارة الإيرانية في لبنان هو عمل فردي مدان. نحن منه براء ولا يخدم سوي أعداء قضيتنا وأعداء أمتنا.