جاءتالقمة العربية الافريقية الثالثة بالكويت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين أفضل تنظيما وأكثر تحديدا في مقرراتها عن القمتين السابقتين اللتين عقدتا في القاهرة عام1977 وسرت بليبيا عام2010,
بتركيزها علي قضايا التنمية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار غير المشروع في السلاح. وكان الجانب العربي متعاونا خاصة الكويت التي تقدمت بمبادرة سخية لتمويل مشروعات التنمية في إفريقيا.
ولكن تنفيذ مقررات هذه القمة سيتوقف إلي حد كبير علي مدي استجابة الحكومات الافريقية لمطالب الجانب العربي بإزالة عوائق التنمية لتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال علي الدخول في مشروعات يحتاج اليها الجانبان خاصة في الزراعة والإنتاج الحيواني وتوليد الكهرباء وزيادة التبادل التجاري.
وفي هذا السياق قررت القمة مطالبة الحكومات الافريقية والعربية بتعزيز التعاون وتيسير الاستثمار خاصة في مجال الطاقة والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية والبشرية ومطالبتها كذلك بسن القوانين اللازمة لتشجيع وتسهيل الاستثمار ودعم مبادرات التنمية الصناعية للحد من الفقر وتوفير فرص عمل للشباب الذي يعاني البطالة في معظم الدول الافريقية وتشجيع القطاع الخاص والمجتمع المدني علي القيام بدور رئيسي في النهوض بالزراعة وتحقيق الأمن الغذائي, حيث أن هناك عجزا هائلا في المواد الغذائية قدر في عام2010 بـ34 مليار دولار في العالم العربي و21 مليارا في دول افريقيا جنوب الصحراء.
كما أن حجم التبادل التجاري بين الدول الافريقية والعربية ما زال متدنيا جدا حيث لم يتجاوز25 مليار دولار بينما ارتفع بين افريقيا والصين وحدها من10 مليارات عام2000 الي200 مليار في عام2010 ومن هذا المنطلق ركزت قمة الكويت علي الاستثمار في مجال الزراعة والأمن الغذائي علي أمل أن تتنبه الحكومات لهذا الخطر وتسارع بتهيئة الأوضاع للاستثمار الكثيف في الزراعة والإنتاج الحيواني مستفيدة من وفرة العمالة الرخيصة في افريقيا والمياه والأراضي الخصبة غير المستغلة وفائض رءوس الأموال العربية خاصة الخليجية منها والمنافسة الشديدة التي تلقاها الاستثمارات العربية في الأسواق التقليدية في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا.
وقد جدد القادة التزامهم بمواصلة جهودهم للتصدي للتحديات وإزالة العوائق التي تواجه تنشيط وتطويرالتعاون الافريقي العربي وفقا للمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة مع الإشارة الي التقدم الذي أحرزته الدول العربية والافريقية في هذا المجال وهو ما يتجلي في حصول ثلاثدول افريقية ضمن أكثر عشر دول في العالم تسهيلا لإجراءات الاستثمار.
وفي ضوء ضعف حجم التبادل التجاري بين افريقيا والعالم العربي وتدنيهقرر القادة دعم التكامل الأقليمي بين المنطقتين بزيادة حجم التجارة والاستثمار وتعميق تكامل السوق بما يسهم في جهود التنمية الاقتصادية المستدامة والتنمية الاجتماعية المتكاملة مثل توفير فرص العمل والحد من الفقر وتدفق الاستثمار المباشر والتنمية الصناعية.
كما ركزت القمة في مقرراتها علي موضوع آخر يقلق الجانبين العربي والافريقي وهو موضوع الإرهاب الذي ضرب في كثير من الدول ولايعرف حواجز أو حدودا وعانت منه دول عربية وافريقية عديدة خاصة دول الساحل والصحراء وفي مقدمتها مالي ونيجيريا وأوغندا وكينيا ودول عربية مثل الجزائر وليبيا وتونس ومصر مما استوجب التأكيد علي ضرورة التعاون بكل الوسائل الممكنة بين الدول العربية والافريقية في مواجهة هذا الخطر الذي يتسع نطاقه ويشكل معوقا للتنمية بسبب قلقلته لاستقرار الدول, يضاف الي ذلك تأكيد القمة علي ضرورة مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار غير المشروع في السلاح والبشر لأنها تشكل خطرا داهما علي أمن واستقرار الدول.
وفي ضوء القلاقل والإضطرابات التي تشهدها بعض الدول أكد القادة التزامهم للتصدي بقوة للأسباب الجذرية للنزاعاتوالعنف وجددوا التزامهم باحترام السيادة الوطنية وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شئونها الداخلية ودعوة جميع الأطراف المعنية الي إيجاد تسويات سلمية للأزمات السياسية في المنطقتين.
وأعرب القادة عن امتنانهم للكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد وحكومتها وشعبها لمبادرته بتخصيص ملياري دولار للمساعدة في عملية التنمية في افريقيا علي مدي السنوات المقبلة وايضا تخصيص جائزة مالية سنوية بمبلغ مليون دولارباسم الدكتور عبد الرحمن السميط للأبحاث التنموية في القارة السمراء كما رحبوا بتبرع الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين بمائة مليون دولار لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب كما أشادوا بقرار القمة الاقتصادية العربية الأخيرة في الرياض بزيادة رأسمال المؤسسات المالية العربية بمافيها المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا بنسبة50 في المائة وفي ضوء سعي افريقيا لتمثيل نفسها في مجلس الأمن الدولي بما يتناسب مع حجمها لأنها تشكل حوالي ثلث دول العالمأكد القادة التزامهم القوي بالعمل عليإجراء إصلاح شامللنظام الامم المتحدة بما في ذلك مجلس الأمن ليعبر عن واقع العالم الحالي ويجعله متوازنا أقليميا وأكثر عدلا وديمقراطية وفعاليةودعوا الي تنسيق المواقف العربية والافريقية في هذا الصدد.
من هنا يتضح مدي حاجة كل من الطرفين الي الآخر لمواجهة التحديات المشتركة في التنمية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وحل النزاعات سلميا لكن تنفيذ هذه المقررات يتوقف علي مدي تعاون الجانب الافريقي بتهيئة البيئة المواتية للاستثمار وأيضا ما إذاكان المستثمرون العرب سيقومون بمخاطرة محسوبة للاستثمار في افريقيا بتشجيع من حكوماتهم إذا اقتنعوا بجدية الإجراءات التي تتخذها الحكومات الإفريقية.