ونصت المادة المذكورة علي تجريم نشر أمور من شأنها التأثير علي القضاة الذين يناط بهم الفصل في دعوي مطروحة أمام أي جهة من جهات القضاء في البلاد وفي رجل القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بتحقيق أو التأثير علي الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة في تلك الدعوي أو في ذلك التحقيق أو أمورا من شأنها منع شخص من الافضاء بمعلومات لأولي الأمر أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوي أو التحقيق أو ضده, وانه يشترط لتوافر تلك الجريمة الأركان الآتية:
أولا ـ فعل النشر وذلك من خلال تناول إحدي الدعاوي القضائية المنظورة أمام النيابة العامة أو القضاء بأخبار أو معلومات أو مستندات وتداول ذلك بين القراء من خلال الصحف والمجلات أو التداول في مختلف صور الإعلام المقروء والمسموع أو الإلكتروني.
ثانيا ـ وجود دعوي قضائية منظورة سواء أمام القضاء أو النيابة العامة.
ثالثا ـ تأثر رجال القضاء أو النيابة القائمين علي التحقيق في الدعوي أو الحكم فيها أو الشهود أو من يحملون معلومات بشأن تلك الدعوي من ذلك النشر علي نحو يؤثر في حيدة العدالة.
رابعا ـ لم يشترط القانون توافر القصد الخاص في الجريمة بل اكتفي بالقصد العام الذي يقوم بمجرد النشر.
خامسا ـ اغفال المادة التأثير الإعلامي للقنوات التليفزيونية والإذاعة والإنترنت علي أطراف التحقيق أو المحاكمة.
والأصل ان تجري المحاكمة في جو خال من التأثير ويكون لكل من الخصوم الحق في تقديم الأدلة ومناقشاتها والرد علي أدلة الخصم وتفريدها وذلك دون الخضوع لأي تأثير غير قانوني من خلال النشر علي عقيدة القاضي باعتبار أن ذلك التأثير من خارج وعاء الدعوي وهو مفسد للحيدة المفترضة لنظر الدعاوي القضائية وعاملا مساهم في تكوين الفكر الذي يصدر الحكم استنادا إليه.
ويدور التساؤل عما إذا كانت تلك الجريمة تقع بمجرد النشر والتناول للدعاوي القضائية المتداولة أم وقوع التأثير في القضاة, وإذ نميل للرأي الثاني بتحقق الجريمة بوقوع لتأثير علي رجال القضاء أو الشهود علي نحو يحيد بالعدالة عن موضعها وليس مجرد النشر أذ إن الجريمة بهذه الصورة تعد جريمة افتراضية الحدوث وتعرض وسائل النشر لعشرات الدعاوي القضائية من هذا القبيل, فضلا عن أنه في جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها.
طعن33 س35 ق جلسة1965/11/2.
وجريمة التأثير علي العدالة في حالة افتراض وقوعها تعد نوعا من التدخل بين سلطات الدولة وذلك علي اعتبار ان الصحافة سلطة شعبية واقعية,حيث أن ذلك التأثير يمتد من الصحافة إلي السلطة القضائية بشقيها القضائي والنيابة العامة وقد يمتد ذلك التأثير إلي الرأي العام لمصلحة أي من أطراف الدعوي المنظورة وهو الأمر الضار بالحيدة والنزاهة المفترض توافرها في مناخ القضاء الذي يسعي إلي أن يكون خاليا من التأثير سواء كان ذلك بوعي أو بغير وعي.