لقد أرسل الله -عز وجل- نبيه ورسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لهداية الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ومن عبودية الخلق إلى عبودية الخالق -جل وعلا-، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
ولم يكن الله -سبحانه تعالى- بحاجة إلى عبادة العباد؛ ولن تضره معصية العاصين؛ لأنه تعالى هو الغني والخالق والرازق، والناس فقراء إليه محتاجون إليه في كل لحظة؛ لكونهم مخلوقون ضعفاء، لم يكونوا يومًا شيئًا مذكورًا.
وإرسال الله -عز وجل- للرسل من كمال رحمته وتمام فضله؛ فهو سبحانه من صفاته "الرحمة"؛ ومن أسمائه "الرحمن والرحيم"، فهو -جل وعلا- رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما.
ولما كان أساس الشر وهو الشيطان الرجيم -وهو عدو الإنسان الأول- قد أقسم على ربه أنه سيضل الإنسان، وسيعمل بكل ما أوتي من قوة لإضلال بني آدم وصرْفهم عن الصراط المستقيم؛ كان الإنسان منذ ذلك الحين في خطر عظيم من هذا العدو اللدود، وفي صراع دائم.
ولما كان من طبيعة الإنسان الضعف والجهل؛ كان من رحمة الله تعالى أن أرسل رسله من بني آدم أنفسهم ليعلموهم ما فيه سعادتهم ويبصروهم بطرق السعادة وكيفية عبادة الله تعالى؛ ويبينوا لهم طرق الشيطان وكشف أباطيله ليتجنبوا سلوك طرق الضلالة والغواية.
وكان من جملة أولئك الرسل الأخيار الذين أرسلهم الله تعالى لهداية الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث بعثه الله تعالى للإنس والجن جميعًا، هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
فأمره الله تعالى بتبليغ شرعه، وهداية خلقه، وأنزل عليه كتابه "القرآن الكريم"؛ ليكون مصدر نور ومنبع هداية.
وقد قام محمد -صلى الله عليه وسلم- بمهمة البلاغ خير قيام؛ فبلغ رسالة ربه، ودعا إلى الله تعالى، واهتم بذلك أيما اهتمام حتى ليكاد أن يوقع نفسه في المهالك محبة لتبليغ ما أمره به ربه؛ وخوفًا على بني آدم من أن يكونوا من أعوان الشيطان وحزبه.
وقد اطلع الله -عز وجل- على حرص نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- لهداية الناس، وما يبذله مما هو فوق طاقته، حتى ليكاد يهلك نفسه بسبب عدم استجابة من دعاهم إلى دينه، فما كان منه -سبحانه وتعالى- إلا أن أمر نبيه بأن يخفف عن نفسه ذلك الحزن من عدم استجابة بعض الناس له، فقال تعالى في كتابه الكريم: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]، وقال تعالى أيضًا: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 3]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].
ومعنى هذه الآيات أن الله تعالى يأمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن لا يهلك نفسه لعدم استجابة من لم يكتب له الهداية، ولا يأسف عليهم، بل ليبلغهم رسالة الله، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها.
توقيع العضو : MODY۞MODA |
لمراسلة الادارة بأمور خاصة لا يشاهدها غير الادارة من هنا لوضع اى شكوى خاصة بمنتدانا الحبيب من هنا لتقديم الاقتراحات البنائه بهدف تطوير منتدانا الحبيب من هنا لمتابعة قوانين المنتدى |