من الايات التى انزلها الله عز وجل ويسيىء الناس استخدامها فى موطن غير الذى وضعت له قوله تعالى ولا تلقوا ايديكم الى التهلكة فالمتتبع لسياق الاية يجد الله عز وجل يقول فيها : وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195}،والباحث عن سبب نزول الاية يجد انها نزلت فى الانصار وسببها أن الأنصار لما أعز الله الإسلام وأمن أهله وكثر ناصروه، قال بعضهم لبعض: لقد عز الإسلام وأمن أهله... وكثر ناصروه فينبغي أن نقوم على أموالنا ونصلح ما ضاع منها... فأنزل الله تعالى الآية.
بل ان بعض المسلميين الاوائل قد استخدم الاية فى سياق غير ما نزلت له فصحح لهم ابو ايوب الانصارى رحمه الله الخطا فى تاويل الاية ولام علةى من وضعها فى غير ما وضعت له وورد ذلك فيما روى الترمذي وغيره وصححه عن ابن عمران التجيبي قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفا عظيماً من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر... فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله يلقي بيده إلى التهلكة؟ فقام أبو أيوب فقال: يا أيها الناس إنكم لتتأولون هذه الآية هذا التأويل! وإنما أنزلت هذ الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها... فأنزل الله تعالى على نبيه يرد علينا ما قلنا: وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ... الآية. وكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو... فما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم. فهذا سبب النزول. ولكن معناها عام، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب