استحالة أن يكون مسيح آخر الزمان هو نفسه المسيح الناصري :
يقول الله تعالى : {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} (116) سورة المائدة{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (117) سورة المائدة.
هذه شهادة نبي الله عيسى يوم القيامة.أي بعد انتهاء الدنيا .يشهد أنه بعد ما توفاه الله تعالى لم يعد يعلم شيئا عن قومه .لكن على فرض عودته هو نفسه آخر الزمان , سيكون قد علم حال قومه يقينا لأنه هو من سيصلح حال البشرية جمعاء .
و عندها ستصبح شهادته كاذبة و العياذ بالله .
لو فرضنا أن القرآن الكريم قرر حياة عيسى في السماء كما توهم كثيرون من علماء الأمة, لوجدنا أنفسنا عندما ينزل المسيح آخر الزمان و يموت بعد أن يؤدي مهمته أمام معضلة رهيبة. ذلك أن من ينتظر عيسى يدعي أن المسيح سيموت بعد أداء مهمته , و يصلي عليه المسلمون و يدفنونه في الحجرة الشريفة .و تستمر الحياة من بعده إلى أن يأتي شرار الخلق عليهم تقوم الساعة .
لكن بعد وفاة عيسى آخر الزمان سيستمر القرآن على ما هو عليه , و بالتالي سيصبح القرآن يتحدث عن حياة عيسى في السماء, بينما عيسى ميت مدفون في الأرض.
بمعنى آخر:
إذا سلمنا أن القرآن قرر حياة عيسى في السماء, فعيسى لن ينزل مطلقا .لأنه بمجرد نزوله, سيدب الشك في القرآن الكريم و العياذ بالله .
فالقرآن سيبقى يقول أن عيسى حي في السماء, بينما عيسى قد نزل و صار يحي بين الناس في الأرض.
أمام قوة البراهين القرآنية التي تثبت يقينا موت عيسى كسائر البشر .صار القائلون بحياة عيسى في السماء, يتبرءون من هذه العقيدة .و رضخوا للحق و هو وفاة عيسى بن مريم عليه السلام .
لكنهم أمام حديث نزول عيسى بن مريم عليه السلام آخر الزمان, ضلوا طريق الحق مرة أخرى .فادعوا أن عيسى مات كسائر البشر .لكن الله تعالى سيبعثه في آخر الزمان.
أي سيحييه الله تعالى و يبعثه من موته ليقوم بمهمة إصلاح حال البشر.
و تناسى هؤلاء مرة أخرى كثيرا من آي الذكر الحكيم التي تنفي عودة الأموات إلى الدنيا .نذكر منها :
يقول الله تعالى : {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (16) سورة المؤمنون.
و لو بعث ميت في الدنيا لصارت الآية الكريمة محل شك و ريب .و هذا لا يصح في حق القرآن المجيد.
يقول الله تعالى : {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (100) سورة المؤمنون.
لا مجال لمحاولة تبرير عقيدة إمكانية عودة الأموات أبدا أمام هذه الآية القرآنية العظيمة .
يقول الله تعالى : {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} (95) سورة الأنبياء.
يقول الله تعالى : {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} (31) سورة يــس.
يقول الله تعالى : {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (102) سورة الشعراء.
يقول الله تعالى : {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (58) سورة الزمر.
{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} (11) سورة غافر.إذ لو عاد أحد إلى الحياة الدنيا بعد موته, لصار قد أماته الله ثلاثا و أحياه ثلاثا يوم القيامة.
هذا من كتاب الله المجيد .و لا شك أن السنة النبوية الشريفة بينت أيضا هذه الحقيقة.
من سنن ابن ماجة :
(( حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي. ثنا موسى بن إبراهيم الحزامى الأنصاري. سمعت طلحة بن خراش. سمعت جابر بن عبد الله يقول: لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام، يوم أحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا جابر! ألا أخبرك ما قال الله عز وجل لأبيك؟)) قلت: بلى. قال: ((ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب. وكلم أباك كفاحا. فقال: يا عبدي! تمن على أعطك. قال: يا رب! تحييني فأقتل فيك ثانية. قال: إنه سبق مني ((أنهم إليها لا يرجعون)) قال: يا رب! فأبلغ من ورائي. فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} الآية كلها)).)).
إنه سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون.
من المنطقي أن يتوقف القائلون بعودة الأموات إلى الدنيا أمام هذه البراهين القرآنية و من الحديث النبوي الشريف .و يكفوا عن جحود الحق .
لكن دعنا نناقشهم حسب زعمهم .
هم يقولون أن القرآن قرر موت عيسى يقينا .لكن الله تعالى سيحييه آخر الزمان و يرسله للدنيا لأداء مهمة يبدو أن غيره من الرسل لا يقدرون عليها.
لكن على فرض عودته آخر الزمان حيا .ليمكث في الأرض 40 سنة حيا بين الناس. ألا يعترض أحد قائلا:
القرآن يقول عيسى ميت.لكننا نراه حيا بيننا .
و ليس هناك من تبرير لهذه الخطأ العظيم .
من هنا بات من الضروري بحث قضية نزول عيسى آخر الزمان بحثا في ضوء القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه .
و ما دام الحديث النبوي في نزول عيسى حديثا صحيحا متواترا لا شك فيه .لن يبقى سوى حل واحد للتوفيق بين ما جاء في القرآن الكريم و بين ما تضمنه حديث نزول عيسى .و الحل هو أن عيسى آخر الزمان إنما هو رجل من أتباع المصطفى و من أمته و ليس من أمة اليهود, و ليس هو المسيح الناصري بلحمه و دمه .
تتأكد صحة هذا الطرح, عندما نرجع مرة أخرى للقرآن و للحديث الشريف .
لقد أخبرنا القرآن الكريم أن عيسى بن مريم إنما هو رسول لبني إسرائيل .يقول الله تعالى : {وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ........} (49) سورة آل عمران.
لكن على فرض عودة المسيح بلحمه و دمه سيكون رسولا للبشرية جمعاء.و هنا يتسلل الشك مرة أخرى في صحة كتاب الله المجيد .لكنه بريء مما يفهمون.
فالقرآن قرر موت عيسى قطعا.و قضى أن الأموات لا يرجعون إلى الدنيا .فثبت أن حديث رسول الله في نزول عيسى إنما يقصد رجلا آخر و ليس المسيح الناصري نفسه .
قال رسول الله محمد-صلى الله عليه و آله و سلم -: (( أعطيت ست خصال لم يعطهن أحد غيري ...فقال: و كان النبي يبعث إلى خاصة قومه و بعثت للناس كافة ..)).
و لو عاد عيسى للناس كافة لشارك رسول الله في هذه الخصلة و لصار كلام رسول الله محل ريب و ظنون .
-عندما ينزل عيسى سيحكم بالقرآن.لكن عند قراءته قول الله تعالى على لسان المسيح نفسه : {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} (6) سورة الصف.
و مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد.فهل سيعود رسول الله محمد-أحمد- مرة أخرى بعد عيسى ؟.
مرة أخرى, نعود للقرآن الكريم , و نجد أن الوعد بالتمكين للمسلمين إنما هو وعد للأميين أتباع رسول الله .يقول الله تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (2) سورة الجمعة {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (3) سورة الجمعة.
و في سورة النور أيضا , يقول الله تعالى : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.
وعد الله الذين آمنوا منكم .
أي من أمة المصطفى عليه الصلاة و السلام .
أما من الحديث الشريف , فقد أشار رسول الله الصادق الأمين أن مصلح آخر الزمان إنما هو من أمته .فقال: حدثنا ابن بكير: حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أن أبا هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كييف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم). تابعه عقيل والأوزاعي.
صحيح البخاري.
لقد توهم البعض أن الله سيبعث رجلين .المسيح الناصري بلحمه و دمه , و يبعث أيضا الإمام المهدي .و ابتكروا فكرة صلاة المسيح خلف الإمام المهدي , و ظنوا أنها تكرمة الله لهذه الأمة.
لكنهم لم يبحثوا القضية حق البحث.فمادام المسيح سيصلي و يتبع الإمام المهدي, فما الحاجة لمجيء المسيح أصلا ؟ أليس المهدي بقادر على أداء المهمة ؟.
و من يقف متدبرا حديث رسول الله , السابق الذكر في البخاري, و يربطه بالقرآن الكريم حيث الوعد بالتمكين هو لأتباع المصطفى, يدرك أن حديث رسول الله إنما هو إشارة إلى أن المسيح الناصري ليس إلا واحدا من أتباع المصطفى فقط.أي أن هذا المسيح الإمام إنما هو المهدي نفسه .
و لا حاجة لرجلين لأداء مهمة هي نفسها , و يصلح لها هذا و الآخر .
يتلاشى الغموض حين يعود القارئ لحديث رسول الله الصادق الأمين حيث يزيل كل لبس بتقريره أن المهدي هو عيسى بن مريم .
قال رسول الله : حدثنا يونس بن عبد الأعلى. حدثنا محمد بنن إدريس الشافعي. حدثني محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا يزداد الأمر إلا شدة. و لا الدنيا إلا إدبارا. ولا الناس إلا شحا. ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس. ولا المهدي إلا عيسى بن مريم)).
فهرس ابن ماجة كتاب الفتن .
أمر رسول الله بيعة المهدي و لم يأمر ببيعة المسيح :
حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف، قالا: حدثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يقتيل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة. ثم لا يصير إلى واحد منهم. ثم نطلع الرايات السود من قبل المشرق. فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم)).
ثم ذكر شيئا لا أحفظه. فقال ((فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج. فإنه خليفة الله، المهدي)).فهرس ابن ماجة.
-أخبرنا أبو عبد الله الصفار ثنا محمد بن إبراهيم بن أرومة ثنا الحسين بن حفص ثنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلونكم قتالا لم يقاتله قوم ثم ذكر شيئا فقال إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.فهرس مستدرك الحاكم.
هذان حديثان شريفان , يوصي فيهما رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بوجوب بيعة الإمام المهدي.و لا يوجد حديث قط يوصي فيه رسول الله ببيعة المسيح حين ينزل آخر الزمان .
و لا بد أن نسأل : هل يصح أن تكون البيعة لرجل مهما كان في وجود نبي من أنبياء الله تعالى؟.
و الجواب : لا يصح ذلك لأن النبي أولى بالبيعة من غيره حال وجوده .
و المعضلة هذه حلها سهل يسير , ذلك أن رسول الله أخبرنا أن مهدي آخر الزمان هو نفسه مسيح آخر الزمان, كما رأينا من قبل في حديث ابن ماجة(( و لا المهدي إلا عيسى)).
و كما رأينا في حديث آخر : (( و إمامكم منكم )).
و نخلص للحق إن شاء الله تعالى ألا و هو أن تسمية المهدي و تسمية المسيح هما تسميتان لرجل واحد.هو مصلح آخر الزمان .
لا أظن أن عاقلا سيبقى على ما ورثه من فهم متناقض معارض للقرآن الكريم و للحديث النبوي الشريف , أمام كل هذه البراهين القاطعة .
إذ أمام هذه البراهين العظيمة ننتهي إلى أن مسيح آخر الزمان لا يمكن أن يكون هو المسيح الناصري عليه السلام بلحمه و دمه .
هنا , لا شك أن كثيرين سيسارعون للحكم ببطلان هذا المقال , من غير أن يقدموا أدلة ترد ما فيه من حجج قاطعة.و لا يبقى لنكرانهم الحق سوى تبريرا واحدا.سيقولون: هذا تمهيد لإعلان أن مسيح آخر الزمان و مهدي آخر الزمان إنما هو مرزا غلام أحمد القادياني.
أقول للمخالفين : مرحبا بكل أدلتكم في ظل الحوار العلمي المتحضر.
أما بشأن هذا الرجل الذي ادعى أنه مهدي الأمة المحمدية و مسيحها , فماذا تنقمون منه؟.
ألم يمض حياته في خدمة الإسلام الحنيف؟.بشهادة حتى ألد أعدائه؟.
ألم يمض فترة ليست بالقصيرة , أكثر من ثلاثين سنة , يقول أن الله تعالى كلمني و خاطبني , و اختارني إماما مهديا و مسيحا لأمة المصطفى؟.
مع ذلك و مع تقوله على الله أيده الله تعالى , و نصره و أخزى أعداءه , و نصر جماعته من بعده .هل يمكن أن يتخلى الله تعالى عن وعيده بإهلاك المتقول على الله كذبا؟.
بل هل من عادة الله تعالى أن يؤيد من يكذب عليه و ينصره ؟.
و الله هذا محال .
لقد طمع في منصب المهدي و المسيح كثيرون .لكنهم لكذبهم هلكوا و انمحت آثارهم.و صحب دعواهم ظهور جهلهم بالدين .
لكن هذا الرجل العظيم , لم يقل أنا مهدي .
أو أنا مسيح.
بل قال : أنا مهدي أمة المصطفى و أنا مسيحها.
و لم ينتبه أحد من قبله إلى كل دقائق القضية .بمختلف تفاصيلها .فالقرآن يشهد أن عيسى مات .و أن الأموات لا يرجعون للدنيا .
و الحديث يشهد كذلك.و الحديث النبوي يشهد أن مهدي الأمة و مسيحها إنما هو رجل واحد من أمة المصطفى عليه الصلاة و السلام .
ألا ترون أن صدق الرجل واضح للعيان؟.
و هو الذي قال في قصيدة ارتجالية رائعة , مخاطبا من أفتى بقتله , فقال:
هداك الله هل قتلي يباح؟...و هل مثلي يدمر أو يجاح ؟.
و هل في مذهب الإسلام أني ..أرى خزيا و لم يثبت جناح؟.
و صدقي بين للناظرين........... كتاب الله يشهد و الصحاح .
لم يكن مؤسس الأحمدية عالما باللغة العربية .بل عيره المشايخ بنقصه في اللغة العربية .فشكا أمره لله تعالى , فعلمه علوم اللغة العربية, لغة القرآن لغة أهل الجنة.فأفحم خصومه , و بقيت كتاباته باللغة العربية تتحدى كل جاحد للحق.
هل يكون هذا لرجل مفتر على الله؟.
هل يؤيد الله مفتريا كذابا , فيصلحه في لغة القرآن لغة أهل الجنة؟.
و الله لم يعد للقول بكفر هذا الرجل من معنى سوى الطعن في علم الله تعالى و حكمته .لأن إصلاح نقص الإمام في اللغة العربية ليس له من تفسير سوى أنها آية ربانية تأييدا له , و بشرى له بالجنة .
فما يكون لله تعالى العليم الخبير الحكيم أن يشرف مفتريا بإصلاحه في لغة القرآن لغة أهل الجنة.مصداقا لنبوءة رسول الله الصادق الأمين : (( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة)).
أيها الناس تفكروا في حقيقة الرجل بعيدا عن بهتان أهل البهتان .فوالله إنه الشاهد الذي بشر الله تعالى بمجيئه ليشهد على صدق الإسلام حين تتجه أصابع الاتهام لدين الله الحنيف و لرسوله خاتم النبيين .
{أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} (17) سورة هود.
و من يكفر به من الأحزاب فالنار موعده .
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعونه أحسنه .آمين .