أسرار التقويم الهجرى
نحن ندعو كل المسلمين إلى الإحتفاء بأول العام الهجرى، لأن العام الهجرى أو العام القمرى - أيهما شئت - هو العام الذى اختاره رب العالمين وربط به شرعه فى كل وقت وحين، كما قال تعالى فى محكم التنزيل فى [36التوبة]:
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [36التوبة]
هذا الكلام فى العام الهجرى، فكل توقيتاتك وكل حساباتك فى تشريعاتك مرتبطة بهذا العام، الصيام مرتبط بشهر من أشهر التقويم الهجرى وهو شهر رمضان:
{ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ }
والزكاة إذا كانت زكاة الأموال أو الذهب أو زكاة عروض التجارة التى تجب مرة كل عام هجرى، فيجب حسابها عليه لا على العام الميلادى، لأنى لو حسبتها على العام الميلادى سأنكسر عند الله عز وجل وأُصبح مديوناً، لأن العام الهجرى ثلاثمائة وخمسة وخمسون يوماً والعام الميلادى ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع.
فإذا حسبت زكاتى على العام الميلادى فكل عدة سنين سينكسر علىَّ زكاة سنة لله لم أؤدها، ومن حرص الله على العام الهجرى انظروا معى: أهل الكهف كانوا من أتباع سيدنا عيسى - أى التقويم الميلادى - تَحَدَّث الله عنهم فماذا قال؟
وَلَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ ثَلـثَ مِاْئَة سِنِينَ
ثم ذكر الهجرى: .... وَازْدَادُواْ تِسْعاً [25الكهف]
حتى نعتز بتقويمنا الهجرى، نحن نذكر الميلادى فقط!! لابد من الإثنين معاً، وبالحسابات الدقيقة فإن ثلاثمائة سنة شمسية هى ثلاثمائة وتسعة هجرية، وهذا إعجاز لرب البرية فى الآيات القرآنية، عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة هجرية أى حوالى ستون سنة ميلادية.
ربط التشريع بالتقويم الهجرى
فكل الحسابات فى شرعنا بالتقويم الهجرى لأنه التقويم الإلهى الذى ارتبطت به كل الكائنات، فالكائنات غير مرتبطة بالشمس بل بالقمر، والحج:
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [197البقرة]
وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة، ويوم عرفة يوم التاسع من ذى الحجة ولا يجوز أن يتغير، لأن هذا تقويم الله عز وجل.
جعل الله عز وجل كل هذه التوقيتات بالهجرى حتى يمر علينا رمضان كل ثلاث وثلاثون سنة فى كل الأزمان، فى الحر والبرد والخريف، والحج يأتى فى كل الأزمان لأن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان، فيكون الجو المناسب لأهل أى زمان ومكان يذهبون فيه لحج بيت الله الحرام.
لكن لو كان فى الأيام الميلادية فإنه سيكون ميعاد ثابت جامد، سيكون رحيماً بقوم وقاسى على آخرين، لكن شرع الله رحمة تامة للخلق أجمعين.
جعل الله عز وجل حتى تشريعات النساء بالتقويم الهجرى، فدورة النساء تمشى مع دورة القمر إما ثمانى وعشرون يوماً أو تسع وعشرون أو ثلاثون، ولا تزيد على ذلك، ولذلك من ضمن الأسرار التى نذكرها لمن يريدون الإنجاب أو تأخر عنهم الإنجاب، فنقول لهم: احسب أول يوم تجئ فيه الدورة للسيدات ثم احسب حتى ليلة أربع عشرة حيث تكون البويضة فى أكمل حالاتها وأتم هالتها كالقمر، وتكون جاهزة للتلقيح، وللإحتياط يتم الحساب ليالى الثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر حيث تكون البويضة جاهزة للتخصيب فى هذه الأيام، حتى من يريد ألا يستخدم وسائل لمنع للحمل نقول له تجنب هذه الأيام فلا يحدث حمل ... أسرار ربانية فى التشريعات الإلهية، ثم يأتى بعد ذلك عدة النساء، وحمل النساء، وولادة النساء .... كله على التقويم الهجرى:
وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا [15الأحقاف]
الحمل تسعة أشهر هجرية :
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [233البقرة]
بالتقويم الهجرى، وعدة النساء إذا كانت عدة طلاق:
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [228البقرة]
قروء وليست أشهر، بعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاث حيضات، وبعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاثة طُهر، المهم أن تأتيها الدورة ثلاث مرات.
وإذا كانت عدة وفاة:
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [234البقرة]
بالهجرى وليس بالميلادى، فكل حسابات الله عز وجل حسابات قمرية لأن فيه أسرار إلهية لا يستطيع البشر اكتشافها إلا ما أباح المولى عز وجل لهم بشأنها.
من أسرار القمر
من ضمن الأسرار التى أباح لنا بها المولى: ما سر احتفاظ البحار بمياهها لا تأسن ولا تتعفن ولا تتغير؟
الموج! وما سبب الموج؟ المد والجزر الذى يصنعه القمر، فتتولد الأمواج التى تخلط مياه البحار مع الأملاح التى وضعها فيها الواحد القهار، وكذا الرياح لها تأثير وإن كان أقل بكثير لأن المد والجزر يشد كل الماء المقابل للقمر فتتحرك المياه فى البحار والمحيطات كلها معاً فتستمر الحركة على مدار الأربع والعشرين ساعة على مدار حركة القمر حول الأرض !!!
فتُحفظ هذه المياه إلى ما شاء الله لا تتعطن ولا تأسن ولا تتعفن رغم ما يُلقى فيها مما لا حصر له من الأشياء القابلة للعفونة وغير ذلك كما قال فيه صلوات ربى وتسليماته عليه:
{ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ }
ربما بعض علماء النبات ما زالوا يجرون بعض التجارب فى هذا الأمر، لكن الفلاحين اكتشفوها بالسليقة والفطرة، اكتشفوا أن الثمار تنمو وتزيد فى الليالى القمرية، وتجمد وتثبت فى الليالى المظلمة، ما علاقة القمر بإطالة هذا الثمر؟!!
سر لا يعرفه إلا من اصطفاه الله عز وجل ، حتى أن بعض علماء الطب حالياً قالوا أن ما يفعله القمر من مد وجزر فى البحار يعمله فى ضغط الإنسان، فالضغط فيه مد وجزر بسبب الدورة الدموية، من الذى يحركها؟ القمر.
فالسنين الهجرية فيها أسرار ربانية لابد أن نبينها ونكشفها للمسلمين، الذين أدارو ظهرهم لهذه الأشهر وهمهم كله فى الأشهر الميلادية!! الأشهر الهجرية عليها مدار حياتنا التشريعية، العمر للإنسان لا يحسبه الرحمن بالأيام ... ولا بالليالى ... ولا بالشهور ... ولا بالسنين:
قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [المؤمنون]
لأن هناك أيام لله غير أيامنا، فأيامنا حسب شروق الشمس، من السبت إلى الجمعة، لكن أيام الله: [47الحج]
وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ
ويوم الجمعة بخمسين ألف سنة، ويوم الجمعة هو يوم القيامة لأنه ستقوم فيه القيامة كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم:
فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة [4المعارج]
ومقداره أى كما تحسبون أنتم، أما حسبته الصادقة الحقيقية لا يعلمها إلا الله عز وجل ، فالله عز وجل لا يحسب أيامنا وأعمارنا بذلك وإنما يحسبها بالأنفاس التى تتردد فى داخل الإنسان، نفَس داخل ونفَس خارج، والنفَس الأخير من الجائز أن يدخل ولا يخرج أو يخرج ولا يرجع.
كم عدد أنفاس الإنسان؟
أهل علوم المكاشفة قالوا إن الإنسان يتنفس فى اليوم والليلة أربعة وعشرين ألف نفَس، ومن حكمة الله عز وجل أنه جعل حروف (لا إله إلا الله) اثنى عشر وحروف (محمد رسول الله) اثنى عشر، فمن قال (لا إله إلا الله محمد رسول الله) غفر الله عز وجل له ذنوب الأربع والعشرين ساعة، ولذلك قال فيها صلى الله عليه وسلم:
{ إذا قال العبد لا إله إلا الله ذهبت إلى صحيفته فمحت كل سيئة تقابلها حتى تجد حسنة تقف بجوارها } .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم