أهلاً وسهلاً بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه
نمرُّ عند قراءتنا للقرآن على كثير من الآيات التي تستوجب التأمل والتدبر، ومنها قول الله - تعالى -: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}1، ولعل من أبرز ما ميَّز الله به الإنسان عن غيره من المخلوقات وحسَّنه به؛ قدرته على الكلام.
واللسان في حياتنا له أهمية كبرى، فبه يكون المنطق والبيان، وبه يعبر الإنسان عما يجيش في نفسه، وعن مكنون صدره، وما يفيض به قلبه؛ ولذلك امتن الله - تعالى - علينا به فقال في كتابه الكريم: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}2، ومع كون اللسان كذلك إلا أنه سلاح ذو حدين: إذ به يكون ذكر الله - تبارك وتعالى -، وقراءة القرآن، وبه تكون أيضاً الغيبة والنميمة، والقذف والبهتان - عياذاً بالله -، ويكفي أن نتذكر هنا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم))3.
فهو إذن سبب في دخول الجنة به يكون ذكر الله، وتسبيحه وتهليله، واستغفاره وقراءة القرآن, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وغيرها من الطاعات، وقد جاء أعرابي إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال: "يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة", فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((أطعم الجائع, واسق الظمآن، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر, فإن لم تطق فكف لسانك إلا من خير))4، وكان جزاء من اهتم بلسانه، وتنبه من الوقوع في مزالقه؛ أن وَرَدَ في الحديث: ((إن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها, وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله لمن أطاب الكلام, وأطعم الطعام, وصلّى بالليل والناس نيام))5، وفي حديث عدي - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة))6.
وكما اللسان سبب في دخول الجنة؛ فإنه من أكبر أبواب النار؛ فقد سُئِلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: ((تقوى الله، وحسن الخلق)), وعن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: ((الفم والفرج))7, وأكًّد النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك في حديث معاذ - رضي الله تعالى عنه - الطويل: "يا رسول الله: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم))"8.
ومع ما نعيشه في هذا الشهر الكريم من أجواء إيمانية، ونفحات ربانية؛ يزداد التأكيد والتحذير من الغفلة عن خطر اللسان الداهم على الإنسان إن هو نسي أمر الله فيه، ولم يحافظ على لسانه فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))9.
فعلى الإنسان أن يحافظ على صومه بحيث يكون بعيداً عن اللغو والرفث والكلام فيما لا يعنيه، والتعرض لكل ما ينقص الأجر فيه ومن ذلك الغيبة والنميمة, والوقوع في أعراض الناس، فإن كل ذلك من الرفث الذي لا يحبه الله - تعالى - لعباده، ولا يرضاه لهم كما في الحديث: ((قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم))10.
نسأل الله - تبارك وتعالى - أن يوقفنا لصالح الأعمال والأقوال، ويتقبلها منا, وأن يجنبنا معصيته إنه على كل شيء قدير، ونسأله الإخلاص في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.