:- تم انشاء الموضوع الموافق08.07.2013
13:12:59
:- ◄ الصفحة الثالثة من حدوتة الذكريات ►:- أرشيفية ***************************
جلس شاردا أخذته الذكريات لسنوات مضت منذ زمن بعيد أخذ يتذكر تلك الأيام ويبتسم ابتسامة يصعب ترجمة ما تحتويه من مشاعر كامنة بداخل قلبه، وبدأ يفكر فى سبب شروده وعودته إلى تلك الذكريات، وفى حقيقة الأمر السبب فى ذلك هو سؤال من حفيده عندما وجد فى مكتبته العريقة أجندة تحوى مذكرات قديمة غمرها التراب وجنى عليها الزمان، ولكن بقيت على غلاف تلك الأجندة ثلاث كلمات حفرت بحروف ذهبية وهى: ((ذكريات ثورة شعب))
أخذ يفكر بعمق أكبر، وحيرة شديدة، هل لديه القدرة على تصفح تلك المذكرات؟ وهل لديه القدرة بأن يستعيد ذكرياته الجميلة مع حفيده الذى طالما حارب فى الماضى من أجل حياة كريمة له؟
وفى الصفحة الثالثة من تلك المذكرات وجد عنوانها ((يوم مشهود من الكفاح )).
وبدأ يقرأ فى صمت ما كتبه فى شبابه الماضى:
بعد يوم جميل قضاه فى أعظم ميادين الكرامة ميدان ((التحرير)) ، هو الآن فى القطار وفى الطريق من مدينة المعز القاهرة إلى صعيد مصر حيث موطنه وبيته، يجلس هذا الشاب وأمامه جهاز الحاسوب الخاص به، ينظر إلى التاريخ أمامه بإنه التاسع والعشرين من يونيو، يدق قلبه وبشدة فغدا بالنسبة له قد يحمل معه حياة جديدة لوطن يعشقه من صميم قلبه، فغدا قد يكون بوابة الخروج من نفق مظلم طالما عانى منه وتمرد الآن ضده، فغدا قد يرحل عن بيته احتلال غاشم باسم الوطنية تارة وباسم الدين تارة أخرى، فغدا هو مسار التحول للعودة بثورته الغالية نحو طريقها الصحيح بعد أن حادت عنه طوال عام يتذكر كافة تفاصيله.
يتلقى اتصالا تليفونيا من أحد أصدقائه ليسأله أين هو وما خط سيره غدا فيجاوبه بأنه إن كتب الله له الحياة سيكون فى ميادين الصعيد كمواطن أولا يشارك فى ثورتهم الأبية وكصحفى ثانيا لينقل الحقيقة لحظة بلحظة فهذا قدره الذى يعشقه قلبه، وينهى المكالمة متمنيا لقاء جديد فى وطن حر.
ثم يفكر فى غدا وماذا سيفعل فيه، فمن المؤكد بأنه سيشارك فى هذا اليوم العظيم ناقضا لعهده مع والده بعدم المشاركة خوفا عليه من بطش من سيتظاهرون ضدهم، ولكنه لا يستطيع الوفاء إلا لعهده الذى اتخذه أمام نفسه بألا يعيش إلا فى وطن حر كريم حتى وإن كلفته تلك الحرية حياته فإن فارقت روحه الحياة فيكفى بأنها ستذهب إلى بارئها نقية طاهرة لا تبغى إلا الخير والكرامة.
وصل القطار سريعا إلى مقصده، لا يدرى كم استغرق من الوقت، ولم ينتبه لما مر عليه من محطات، فهو مشغول بعالم آخر وليس غايته أن يصل وحسب ولكنه يفكر فيما بعد الوصول إلى ما يسعى إليه.
وها هو فى الميدان، هاهو يوم الحسم، ها هو يوم الخلاص، ها هو اليوم الأخير من شهر يونيو يحمل فى بدايته نهاية شهرا مضى وفى نهايته بداية يوم جديد، فهل سيحمل عهدا جديدا للخروج من ظلام ما يعيشه الوطن إلى ضياء الحرية؟
فى الميدان وجوه باسمة، متفائلة بالخير القادم وتسعى إليه، ترفض الارتضاء بظلم الظالمين، لا تعرف التفرقة بين دين ودين ولا لون ولون، ولا اسم واسم، فعنوانها الحرية، وشعارها السلمية، وسلاحها عشقها لهذا الوطن والذى يعبرون عنه بأعلام تحمل ثلاثة ألوان ونسر.
أخذت الأعداد تتزايد ويتزايد معها الشعور بالانتصار القادم لا محالة، وأخذت الهتافات تتعالى وتدوى لتهتز البنايات من شدتها وتبقى الأرض ثابتة تحت أقدام هؤلاء الثائرين، وامتلأ الميدان بشباب ترى الإسرار فى عينيه، وبنات ترى العفة فى وجوهها، وأطفال هم مستقبل هذا الوطن المنير، وشيوخ ذهبت منهم شيخوختهم ليحل محلها شباب وحيوية قلوبهم ليعبروا عما يرغبونه لمستقبل هذا الوطن الذى قد لا يعيشون منه إلا يوما واحدا، ولكنهم يأبون إلا أن يكون هذا اليوم تحت راية الحرية.
انقضى يومهم الأول فى الميدان ليترك فى نفسه أثرا جميلا، وشعورا بقوة إرادتهم، وعظمة دورهم، وحقيقة انتصارهم.
وفى اليوم الثانى استمرت الأعداد تتهاتف عشقا لهذا الوطن، واستمرت روح الانتصار يملكونها لا تتملكهم، واستمر إيمانهم بنصر قريب على طاغية خانه الظن بأن لا عدل على الأرض، طاغية أرسل إليهم أنصاره بالأسلحة ليقتلوهم ولكنهم أبدا لم يقتلوا إيمانهم بحريتهم، وقناعتهم بقوة إرادتهم، وسعيهم لهدف نبيل آمنوا به وبشدة، وكفروا بكل معانى الضعف والاستسلام والهزيمة.
من وسط الميدان هو يلتقط بكاميرته صورا خالدة تبقى عبر الزمان شهادة انتصارا لصوت الحق إن أراد صاحبه له الخروج من أعماق الظلام، تطارده النيران والقنابل ودخان لعين أراد لعينه أن تضل عن الحقيقة، ولكنه الحق يثبت عزيمته، وزملاء بجواره إن نظروا بأعين بعضهم البعض لازدادوا صبرا وقوة وإصرارا، وثوارا تمردوا على من هان عليه هذا الوطن فهان على الوطن والمواطنين.
وبعد مرور أربعة أيام من الثبات هى تحوى فى حقيقة الأمر زمن بعيد لا يقاس ولا تحسب ساعاته، فليس كل يوم يساوى الآخر، فقد تصادف عام فارغ وقد تجد ساعة واحدة تتضمن طوق النجاة الذى لم يجده الضال فى عام كامل من البحث الكاذب عنه.
انتصروا لثقتهم فى الانتصار، انتصروا لأنهم الحق والحق أحق أن يتبع، انتصروا لأنهم امتلكوا نفوسا صافية، وقلوبا عاشقة، واردة صادقة، وهدف سامى نحو الحرية والكرامة.
وبعد مرور أربعة عقود من الزمان ها هو يقرأ تلك الذكريات بفخر شديد، ويعى تماما عظمة ما كان يسعى إليه ويضحى من أجله.
لو التنسيق عجبك متبخلش بى التقيمـ يا استاذ: زائر
هتلقى كلمه ديه صورتها فوق خالص فى اول الموضوع