تم انشاء الموضوع الموافق
25.06.2013
17:14:13
هشام قنديل
****************************
يفترض فى الدول التى تتخذ المسار الديمقراطى طريقاً لها، أن معيار اختيار الوزير يتم وفقاً للكفاءة والوقوف على مدى إمكانية عطاء هذا الوزير لخِبرات تفيد الوطن مستقبلاً ، ومدى امتلاك هذا الوزير لرؤية واضحة المعالم تنهض بالمنظومة التى سوف يترأسها عله يترك خلفه مثلاً يحتذى به كنموذجٍ أسطورىٍ يُدَرس فى مدارس وجامعات دولته.
وكل ما سبق ذِكره هو كلامٌ نظرىٌ جميل، لكن عند النزول لأرض الواقع تجد أن معايير اختيار الوزراء تختلف كلياً، فالصفات التى يجب أن يتصف بها الوزير كمنصب فى هذا العصر هو أن يكون متكلماً بارعاً لأنه سيخرج عند حدوث الكوارث ليشجب ويُندد ويُعلل ويعد بوضع الحلول ويُماطل حتى يأتى من سيخلفه فى هذا الواجب المُفحم، فتجد مثلاً أنه تم اختيار مجموعة وزراء نظراً لانتمائهم للحزب الحاكم، وتم اختيار مجموعة أخرى كصفقة مع حزب معارض، ومجموعة أخرى حالفها الحظ فى التدرج الوظيفى فى مناصبهم.
فكم من وزراء لم نشاهدهم إلا وقت حلف اليمين الدستورية ولعله ما يظهر خطأً فى أحد اجتماعات مجلس الوزراء وأمامه مجموعة من الأوراق ناصعة البياض كرؤية لنية سليمة مستقبلية سوف يُتحف بها البلاد، فهؤلاء تُغلق عليهم المكاتب بإحكام ولا تفتح هذه المكاتب إلا لكاميرات الإعلام أو الصحافة أو لشخصية خارجية جاءت لتوقيع بروتكول تم إعداده سلفاً ولكن ليس من قِبل هذا الوزير، وهناك قلةٌ قليلة تتصف بالكفاءة ولكن الندرة للكفاءة.
أنا أعلم أن كلامى به قسوة فى بعض المواضع لكن هذا هو واقعنا المرير، وإن لم نصارح أنفسنا بما ينقصنا فلنعلم أنه لن ينجلى هذا النقصان، ولعلى أعود إلى الوزراء الأحباب لأتساءل لماذا لا يحاسبون؟ والحساب هنا الذى أعنيه وأقصده ليس الحساب الجنائى أو المسئولية الجنائية سواء كانت اختلاساً أو استغلالاً للنفوذ أو تربحاً أو غيرها، فأنا على يقين أنه إن حدث هذا فى مصر الثورة فإنهم سوف يحاسبون وينكل بهم.
ولكننى أقصد حساباً آخر وهو الحساب الإدارى ، فيجب أن يُسأل هذا الوزير بعد وأثناء فترة توليه منصبه ماذا قدم للوزارة من حلول لمشاكلها أو على الأقل حلولاً لأكثر المشاكل تفاقماً بها، ماذا فعل فى مديونيات وزارته؟ وهل ترك هذه الوزارة وهى تُقدم خدمةً للمواطن تتناسب مع إنسانيته وكرامته؟ أم أن المواطن الذى يقصد أى خدمة تتعلق بهذه الوزارة يعانى جاهداً فى الحصول عليها إن قُدر له هذا، هل يذهب هؤلاء الوزراء إلى بيوتهم مستريح الضمائر بعد التوقيع على الأوراق التى قلما تفيد؟ أم أنهم اتخذوا قرارات فعلية حقيقية يشعر المواطن بفرحة ظهورها.
كم من وزراء رحلوا ما كانوا إلا أشخاصاً تُشغل بهم مناصبهم دون جدوى ولا فائدة من كونهم فى أمكنتهم، وكم من وزراء فارقونا ما زالت صورهم وأسماؤهم عالقةً بالأذهان تمجيداً لمجهودٍ وعمل دُشن فى خدمة الوطن، ولكن شتان بين النسبتين، شتان بين عدد الحصى وبين عدد الماس، شتان بين من يعمل إرضاءً للخالق ولرفعة وطن وبين من اتخذ منصبه كمنصبٍ شرفىٍ تُغلف به حياته ويفتخر به أولاده بعد وفاته، شتان بين حساب هذا وذاك، شتان بين من حفظ الأمانة وأعلاها وبين من تركها وأرداها.
أيها الوزراء حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فحساب التاريخ قاسٍ، وحساب الله أعظم وأكبر لو كانوا يعلمون، وإلا فلا تعتلوا مناصب لساعات تُضيعُ دنياكم وأخراكم.