السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مسألة في الدعاء
حكم ربط الدعاء بالمشيئة
::
وقال الشيخ العلامة صالح بن عثيمين رحمه الله في شرحه الماتع لرياض الصالحين المجلد الثالث ص 207 :
هذا الحديث الذي ذكره النووي رحمه الله في باب ما يدعى به للمريض عن أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، وكان إذا دخل على من يعوده قال :" لا بأس طهور إن شاء الله "
"لا بأس" يعني : لا شدة عليك ولا أذى
"طهور" يعني : هذا طهور إن شاء الله وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن شاء الله ) لأن هذه جملة خبرية وليست جملة دعائية، لأن الدعاءينبغي للإنسان أن يجزم به ، ولا يقل إن شئت ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول الرجل ( اللهم اغفر لي إن شئت , اللهم ارحمني إن شئت ) لا تقل هذا ، لأن الله لا مكره له ، أو لم يستعظم العطاء ، فإذا سألت الله فلا تقل : إن شئت .
أما قول إن شاء الله في قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا بأس طهور إن شاء الله " لأن الأمر كله بمشيئة الله عز وجل .
فيؤخذ من هذا الحديث أنه ينبغي امن عاد المريض إذا دخل عليه أن يقول " لا بأس طهور إن شاء الله "فهذا لأنه خبر وتفاؤل فيقول : لا بأس ، كأنه ينفي أن يكون به بأس ، ثم يقول " إن شاء الله ". هـ
المصدر
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
سئل الشيخ العثيمين –رحمه الله- في برنامج نور على الدرب - (الشريط 330)
ما حكم الاستثناء في الدعاء بقولنا إن شاء الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الاستثناء في الدعاء نوعان:
أحدهما جائز والثاني ممنوع
أما الجائز فمثل دعاء الاستخارة اللهم إن كنت تعلم أن هذا خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي هذا دعاء معلق كذلك في آية اللعان في سورة النور إذا رمى الرجل زوجته بالزنا والعياذ بالله قيل له أقم البينة وإلا فحد في ظهرك أو ملاعنة فإذا اختار الملاعنة فسيشهد على زوجته بأنها زنت، أربع مرات ويقول في الخامسة (أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ) وتقول هي إنه كاذب وتشهد أربع شهادات بالله (إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ ( وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ) فهذا استثناء جائز لا بأس به ومن ذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان يقدم إلى الناس جنائز من أهل البدع فيشكل عليه أهم كفار أم مسلمون يقول إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله عن هذه المسألة فقال له عليك بالشرط يا أحمد -وأحمد اسم شيخ الإسلام ابن تيميه - وعليك بالشرط يعني اشترط وكيفية الاشتراط أن يقول :
اللهم إن كان هذا الميت مسلما فاغفر له وارحمه والله يعلم إن كان مسلما فقد دعوت بحق وإن كان غير مسلم فقد فوضت الأمر إلى الله فهذا الاستثناء في الدعاء جائز.
النوع الثاني استثناء لا يجوز لما يوهمه من معنى لا يليق بالله عز وجل مثل أن يقول القائل اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت اللهم أجرني من النار إن شئت اللهم أدخلني الجنة إن شئت هذا لا يجوز لأن هذا الاستثناء يوهم معنيين فاسدين.
المعنى الأول أن هذا أمر عظيم يشق على الله عز وجل فتقول إن شئت كما تأمر غيرك بأمر وتشك في قدرته عليه فتقول إن شئت حتى لا ترهقه.
المعنى الثاني أن هذا يوهم أن الله تعالى يجيب السائل مكرها فيقول الرجل إن شئت فكأن وراء الله من يستطيع أن يمنعه ومعلوم أن الله لا مكره له ولا يعجزه شيء ولا يتعاظمه شيء أعطاه فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فقال (لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت وليعزم المسألة فإن الله لا مكره له)
ثم إن فيه محظوراً آخر أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وليعزم المسألة وهو أنه إذا قال إن شئت فكأن هذا الداعي مستغني عن الله فكأنه يقول إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل فأنا لا يهمني فلذلك ينهى عن الاستثناء على هذا الوجه أما قول إن شاء الله فهذا ينظر إن قصد الإنسان بقوله إن شاء الله أن هذا الأمر يقع بمشيئة الله فهذا لا ينهى عنه وأما إذا كان بمعني إن شئت فهذا ينهى عنه ولم نجزم بأنه بمعنى إن شئت لأن الإنسان لم يخاطب الله به بل قال إن شاء الله على سبيل تعظيم الله عز وجل لكن مع هذا نرى أن الأفضل ألا يقول غفر الله لك إن شاء الله ردك الله سالما إن شاء الله وما أشبه ذلك بل نقول اجزم. فإن قال قائل أليس من دعاء عيادة المريض أن يقول العائد للمريض (لا بأس طهور إن شاء الله) فالجواب بلى لكن هذا من باب الخبر ليس من باب الدعاء يعني أرجو الله أن يكون طهورا لك إن شاء الله فهو من باب الرجاء لأن المرض قد يكون طهورا للإنسان وقد لا يكون فالإنسان إذا صبر صار طهوراً له كما قال النبي عليه الصلاة والسلام
المصدر
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
وهذا سؤال وجِه للعلامة الفوزان حفظه الله :
أحسن الله إليكم سماحة الوالد يقول السائل : كلمة إن شاء الله هل تقال مع الدعاء ؟
لا ، الدعاء تعزم ولا تأتي بالمشيئة ، لا تقول اللهم اغفر لي إن شئت نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، بل تجزم المسألة بدون استثناء ، لان الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ، أنت تقول لابن آدم والغني اعطني انت إن تيسر انت إن تريد أو تشاء لأنه ربما أنه ما يريد انت ما تلزم عليه تكرهه ، لكن الله جل وعلا لا مكره له ولا يتعاظم شيئا أعطاه فاجزم المسألة قل رب اغفر لي تب عليه واهدني وارزقني ادعوا الله جازما ولا تجعل فيه استثناء أو مشيئة هذا في الدعاء أما في اليمين فنعم تأتي بإن شاء الله .
المصدر
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
وقد أجاب الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله
الدعاء لا يُقْرَن بالمشيئة ، فلا يُقال : غفر الله ذنبك بإذنه تعالى ، ولا : غَفر الله لك إن شاء الله .
وذلك لأن الله تبارك وتعالى لا يُعجِزه شيء في الأرض ولا في السماء .
وقد قال عليه الصلاة والسلام : إذا دَعَا أحدكم فليعزم في الدعاء ، ولا يَقُل اللهم إن شئت فأعْطِني ، فإن الله لا مُسْتَكْرِه له . رواه البخاري ومسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت . اللهم ارحمني إن شئت . لِيَعْزم في الدعاء ، فإن الله صانعُ ما شاء ، لا مُكْرِه له . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلاَ يَقُلِ : اللّهُمّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، وَلََكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ ، وَلْيُعَظّمِ الرّغْبَةَ ، فَإنّ اللّهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ .
وذلك لأنَّ مَن دَعا وقَرَنَ دعاءه بالمشيئة فهو بَين أمْرَين :
إما أن يكون الداعي غير محتاج لِمَا سأل .
وإما أن يكون المسؤول غير مُقتدر على تَلبية السؤال ، فيخشى أن يُوقعه في الْحَرج ، فيقول : أعطني كذا إن شئت .
وكلا الأمْرَين مُنْتَفٍ في حق الله تبارك وتعالى .
قال البيهقي - في فصول في الدعاء - : ومنها أن يكون دعاؤه سؤالاً بالحقيقة لا اختبارًا لِرَبه جل ثناؤه ... ومنها أن يَعزم المسألة . اهـ .
وقال القرطبي : قال علماؤنا : قوله : " فليعزم المسألة " دليل على أنه ينبغي للمؤمن أن يجتهد في الدعاء ، ويكون على رَجاء من الإجابة ، ولا يَقنط مِن رحمة الله ؛ لأنه يدعو كَريما . اهـ .
والله تعالى أعلم .