اسـم المؤلف: سفر بن عبد الرحمن الحوالي
عدد الاجزاء : 2
التعريف بموضوع الكتاب:
كتاب هذا الأسبوع هو عبارة عن شرح لشرح متن من أشهر متون العقائد المعتمدة في الجملة لدى أهل السُّنة والجماعة، وهو ما سطره الإمام الطحاوي الحنفي كعقيدة له ولأئمَّة الدين المتبعين، وقد اشتهر بـ((العقيدة الطحاوية))، وقد جمَع فيه مؤلفه رحمه الله عقيدة أهل السنة والجماعة بإيجاز، مبيِّنًا عقائد أهل السُّنة والجماعة المستقاة من الكتاب والسُّنة، بعيدًا عن الأهواء المتعدِّدة، والمذاهب المضلِّلة.
وقد كتب الله تعالى القَبول لهذا المتن عند مختلف المدارس التي تنتسب لأهل السُّنة، وتتابع عليه طلبة العلم حفظًا، والعلماء شرحًا، ونظمًا.
وقد تعدَّدت شروحات هذه العقيدة، وتنوَّعت؛ فمنها المختصر، والمبسوط، وكان ممَّن شرحها وانتشر شرحه ابن أبي العز الحنفي، مفصِّلًا محتواها، وموضحًا لما أشكل فيها، وكان دافعه لشرحها أنه رأى بعض من تصدَّى لشرحها ممَّن تأثر بعلم الكلام، أو كان يعتقد اعتقادًا ضالًّا يلوي أعناق نصوص المتن؛ ليوافق هواه، أو يحشِّي الشرح بعبارات أهل الكلام، فأراد الإمام ابن أبي العز أن يشرح العقيدة شرحًا سلفيًّا بعيدًا عن الأهواء المنحرِفة، والعبارات الكلاميَّة الدخيلة، فكان هذا الشرح على العقيدة الطَّحاوية.
ولتوضيح الدُّرر المكنونة لهذا الشرح قام فضيلة الشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي بشرح هذا الشرح، في دروس سُجِّلت على أشرطة، ومن ثَمَّ فرِّغت لتكوِّنَ لنا هذا السفرَ الحافل والذي يُعَدُّ من أوسع الشروحات التي كُتبت على هذه العقيدة، وإنْ جاءت هذه الطبعة في مجلَّدين؛ نظرًا لصغر حجم الخط وضغط الصَّفحات، وإلَّا فلو طبع الشرح طباعة عادية لكان الكتاب ضِعف ما هو عليه الآن.
وقد تألَّف هذا الكتاب من المقدِّمة، والشرح والتعليق على كلام ابن أبي العز، بالترتيب نفْسه؛ أشار المؤلِّف الشيخ الحوالي في المقدِّمة إلى عِبر من حياة صاحب المتن (الطحاوي)، وعِبر من حياة الشارح (ابن أبي العز)، محقِّقًا صِحَّة نِسبة هذا الشرح لابن أبي العز، وسبب إخفاء اسمه من على بعض النُّسخ، وهو الخوف من اضهاد المخالفين لعقيدة أهل السنة والجماعة من أتباع المذاهب الضالَّة كالجهميَّة والصوفيَّة. ثم تحدَّث بإيجاز عن حقيقة عقيدة السَّلف، وعن بعض خصائصها، موضِّحًا أنها الحق الذي لا يسع أيَّ مسلم اعتقادُ غيرها من العقائد الباطلة. ثم ولج إلى الشَّرح والتعليق مباشرةً، وقد حرَص الناشر للكتاب على التفريق بين شرح الإمام ابن أبي العز، وبين شرح الشيخ الحوالي، بوضع كلمة (قال المصنف رحمه الله) قبل كلام الإمام ابن أبي العز، وكلمة (الشرح) قبل كلام الشيخ الحوالي.
وشرحُ الشيخ الحوالي مبسوط، وبلغة سهلة، يقف عند المسائل الشائكة ويوضِّحها بأسلوب يسهِّل على القارئ معرفة المقصود، ويُطيل الوقوف أحيانًا عند بعض الفصول التي بحاجة إلى ذلك، كمسألة كلام الله تعالى، ومسائل الإيمان وزيادته ونقصانه، والشفاعة، ومسائل القدَر، وغيرها من المسائل التي تحتاج إلى إطالة النفس عندها، والرد على شُبهات المخالفين فيها.
وقد تميَّز هذا الشرح بأمور عديدة: منها: تعرُّضه لكثير من المسائل التي كثُر فيها الخبْط واللغط، مع ضبطها ضبطًا جيدًا، كمسألة العذر بالجهل، ومتى يُعذر الإنسان بجهله ومتى لا يُعذر. وممَّا يميزه كذلك: بيان بطلان عقائد الفرق المبتدعة القديمة منها - كالباطنية، والجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة المؤولة - والحديثة الناشئة - كالقادينيَّة والبهائيَّة - وكذا دحضه لشُبه الذين يَعترضون على أحكام الله تعالى ويسنُّون قوانين مخالفة لشرعه سبحانه، كما فعل هولاكو في (الياسق)، وكما هو الحال في القوانين الوضعيَّة الحديثة. ومنها: توصيفه لمشكلات الإنسان المعاصرة، وتوضيحه سبب حيرته واضطرابه، مع وصف الحلِّ لتلك الحالات من العقيدة السلفيَّة الصافية. ومنها: فضح المؤلِّف للمخطَّطات ضد الإسلام والمسلمين، وردُّه على أدعياء التحرُّر وعلى الذين يأخذون دِينهم وثقافتهم من الحاقدين على هذا الدِّين؛ فتتشوَّه عندهم معالم الدين الحق، وردُّه كذلك على المناوئين ومنكري حقائق الدين كالجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله، موضِّحًا خطر الغزو الفكري ودَورَه في القضاء على الجهاد ... وغير ذلك.
هذا، وممَّا ينبغي التنبيه عليه: أن الشيخ سفر الحوالي لم يكمل شرحه على شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز، بل وصل إلى قريب من النِّصف عند قول المصنِّف الطحاوي: (وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةُ الْخِذْلَانِ)، ولو أكمله وطُبع طبعة عادية لربما بلغ ثمان مجلدات أو أزيد، ولكن الله غالب على أمره وله الحكمة البالغة من قبلُ ومن بعد.
والكتاب قيم ومفيد وننصح باقتنائه.