بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته الأيد
المؤيد والرسول المسدد أبي القاسم محمد صلى الله عليه وعلى اله الأكرمين
الهداة المنتجبين.
وبعد : لقد أتعب السلف الصالح من علمائنا أنفسهم الزكية في تأليف آلاف من
الكتب النافعة وفي شتى فنون المعرفة وأنواع العلوم من العقائد إلى الفقه
الى الاصول إلى الحديث إلى الرجال ...
ولكنهم مع غزارة علمهم ، وجودة تصانيفهم ، التي ملأت الافاق ، والتي كونت
لنا هذا التراث الاسلامي الضخم الذي لا يوازيه أي تراث آخر ... وهو تراث
دائم النفع ، غزير الخير ، استفاد منه الناس كلهم ، كل من الجانب الذي يهمه
ويرغب فيه.
وقد اتسعت دائرة التأليف والتصنيف حتى شملت ما يسمى اليوم بالعلوم البحتة كالحساب والهيئة والفلك والكيمياء ...
بل انداحت هذه الدائرة المباركة حتى استقصت فروع المعرفة الانسانية وتمام
حاجات البشرية ، فألفوا في كل امور الحياة وشؤونها ، فمنهم من كتب في صفات
المؤمنين وهو الديلمي في كتابه «أعلام الدين» ومنهم من كتب في
«مكارم الاخلاق» ومنهم في «صفات الشيعة».
ومن اولئك الأفذاذ الذين كتبوا في هذه الفروع الدقيقة السيد ابن طاووس ـ
كتابنا الماثل بين يديك ـ والذي يبحث في أمر دقيق ، هو : كيفية حصول
الإنسان على الأمن في حضره وسفره بدعوات صالحات ، أو أعمال مقبولة ، أو طب
سريع الفائدة ، وهو كتاب له مكانته الفريدة ، ومن المصادر المهمة التي يعول
عليها.
لقد وفى مؤلف «الأمان من أخطار الأسفار والأزمان» الموضوع حقه ، وذلك ظاهر
لمن سبر غور الكتاب ، وتنقل بين صحائفه بنية صادقة ، وإقبال على الله خالص ،
فلله درّ مؤلفه العظيم وعليه أجره.
فهو كتاب لم يسبق إليه السيد ابن طاووس قدسسره.
وقد رتبه على أبواب وفصول ، وكان للأسفار فيه باب واسع لما فيها من الأخطار
غير المتوقعة والعوائق غير المنتظرة ، وأقل ما فيه البعد عن الأهل والوطن ،
ومصاحبة من لايعرف ، وتغيير عادة الانسان في مطعمه ومشربه ونومه ويقظته ،
وألعادة ـ كما قيل ـ طبيعة ثانية.
بدأ السيد رحمهالله بذكر الأيام التي يستحب فيها السفر من أيام الاسبوع
كالسبت والثلاثاء والخميس ، والأيام التي يكره فيها وهي الاثنين والجمعة.
ثم تطرق إلى الأيام المستحبة والمكروهة للسفر من أيام الشهر.
وأورد الأعمال التي يتهيأ بها المسافر كالغسل ، وكيفية التعمم ، وتقديم ألصدقة ، والدعاء لدفع ما يخاف من خطر.
وذكر ما يحتاج المسافر إلى أن يصحبه في سفره من الأشياء للسلامة من الأخطار
والأكدار كالتربة الحسينية الشريفة ، وخواتيم الأمان ، ومنها خاتم العقيق.
ولم ينس أن يذكر ما يحتاج المسافر إلى صحبته من الناس ، وأن السفر منفرداً
مكروه بل منهي عنه ، لأن وجود الأقران والأصحاب معين على دفع ما يحتمل من
أخطار الأعداء.
وذكر السلاح وبدأ بكيفية صنعه في زمان داود عليهالسلام بإلهام من الله
توقيع العضو : اسامة غالمي |
|