طفل صغير مثل كل الأطفال لكني متفردا بضعفي و مرضي، فقط كنت أود الفرجة على مباراة في كرة القدم تهون علي بعض المتاعب لكنها كانت هناك تقف لي بالمرصاد، شقيقتي الكبرى أمل، أمس توفيت جدتي لأمي، لكن هنا لا أعرف هل كنت كأي طفل أم أنني لا مشاعر لي، حزنت ذلك الحزن السطحي السخيف المائع الذي ليس له طعم المر و لا دموع الفراق، فقط حزنت على لأني لن أذهب هناك بعد الآن لألتقي بصغار العائلة، سأفتقد حلويات جدتي الشهية، سأفتقد المصروف الذي يعطى لي خصيصا لمثل ذلك اليوم، لكن هذا لن يؤثر على يومي العادي مباراة كرة قدم ما المانع !! تقف لي من قريب متجهمة الوجه حزينة تعاتبني كثيرا جدتنا توفيت و أنت تريد أن تشاهد مباراة، التليفزيون ممنوع في الظروف دي، عقليتي البسيطة لم تستوعب هذا فبأي حق تمنعني من المشاهدة إنها فقط مباراة !!
التليفزيون في حجرة المكتب، سأنتظرها لتمكث في حجرتها البعيدة و أتسحب لأشاهد المباراة دون صوت، حل عبقري في وجهة نظري البريئة!! لكن لا أعلم هل كانت تشعر بذلك أم تعرف سخافاتي تحوم حول المكان كل دقيقة لتراني، لكني ذكيا كما تعلمون، أتظاهر بنومي حتى تبتعد عني هذا أسلم حل، يبدو أنها اقتنعت و في دوامة حزنها انشغلت ، نشاطي الطفولي البريء اشتعل تسربت، عيني على مؤشر الصوت قضيت على الصوت و ضغطت زر الشتغيل مستلقيا على الأرض استمتع ، فريقي يحرز هدفا أطير فرحا أصطدم بالمقعد أتألم ، لم استطع أن أكتم صوتي المتألم، أطلقت صرختي الحمقاء، تسرع إلى الغرفة تتفحصني تجد قدمي حمراء تؤلمني ، لكنها لم تتعاطف معي، أطفأت التليفزيون و نظرت لي غاضبة تهددني بفضحي لدى العائلة لو كررت ذلك مرة أخرى، تتركني ، طعامي تضعه لي على مضض و لم تأكل معي لأول مرة تقريبا ، انطلقت على غرفتي أبكي لما هذا الظلم أنها مجرد مباراة
لم أتخيل قسوتها تلك أمل بمثابة أمي، نداء يا من تراعيني، اعطفي على طفلك المسكين، هدأت ذهبت لغرفتها أبكي عسى أن تضمني، رفضت مجرد دخولي أخرجتني بقسوة، لن أسامحِك أيتها القاسية، أتفعل في و أنا المسكين ذلك، أنا الصغير المريض و أنتي تعلمين مرضي و ضعفي، لن أسامحِك أبدا.
**********************
تمر الأيام و تذهب تتمحور و تتحول تجيء و تذهب لم أدري بها سوى لحدثين دخولي الجامعة بتفوق و عتاب أمل لي دائما عن هذا الموقف رغم كبري لا أعلم لما يتزايد عتابها لي كلما أكبر مازالت تردد الموقف دوما و تذكره لكل الناس حتى ضقت ذرعا، صرخت في وجهها عدة مرات أكرهك ، كل رغبتي أصبحت أن أمحو ضعفي السابق و صدقا أريد أن أرد على اتهاماتها بالاستهتار و عدم تحمل المسئولية.
**********************
يناير 2004
الأمطار تتزايد، الرعد يخرس كل الأصوات ليطلق أبواقه و يعاتب السحب فتهتز رعبا ليظهر برقها بتصادم، أسفله كانت تصادم قاسي، أكثرهم قسوة، سيارة تطلق العنان و سيارة تتشبس في أمل النجاة، لكن الأمل يبدو أنه تقاعس، تردد أو قرر أن يصبح أطرش، فتصادمت سيارتنا الخجول بسيارة جامحة، سوداء هي مازلت أذكر لونها، أذكر زجاجها المتناثر أرضا، أذكر حتى العرق الأحمر، مطرا بدماء، خوفا بآلام، كنت أتنفس بصعوبة، خرجت من الخردة المقلوبة، أملي داخلها، سمعت رغم الصخب استغاثتها الضعيفة، أخرجي، يجيبني صمت، قفزت بألم جسدي المتمزق و بألم قلبي المكلوم، فوق السيارة أقبع الآن أحاول استخراجها، قبضتها الحنون ضعيفة لا تقوى على الخروج، "تماسكي" تجيبني بدموع الألم، أصرخ في الخارج ليعاونني أحدا، أستغيث، أتضرع للسماء، "يا الله أغثنا" ، أبكي أترنح، حادثتنا في طرق هادئة، زادها البرد و المطر هجرا، مرة أخرى حاولت باستماتة، أفشل و أعود لأحاول أنظر للسماء أجري يمينا و يسارا كالطائف بين الصفا و المروه، أواصل محاولاتي و استغاثاتي، تأتي سيارة من بعيد، زرقاء تحمل الأمل، هرعت نحوها، طلبت المساعدة و حصلت عليها، محاولتنا نجحت تلك المرة، و الأمطار تتواصل لم تتوقف، حملتها نحو السيارة المساعشدة، السيارة التي أحب، مسرعا بنا أنطلق، لونها شاحب، دماؤها خرجت من وجنتها لخارج فستانها، "لو نجوت سأبرر لك سبب مواصلة معاتبتي لك"، قرأتها في عينيها صارخا "إن نجوتِ فسيسعدني الاستمتاع بمعاتبتِك منكِ".
*********************
من يومها أكره الطرق المهجورة، اللون الأسود، أعشق عتابها لي، لكنني أفتقد أن تقوله لي بصوتها الحنون، أفتقد أملي.
توقيع العضو : MODY۞MODA |
لمراسلة الادارة بأمور خاصة لا يشاهدها غير الادارة من هنا لوضع اى شكوى خاصة بمنتدانا الحبيب من هنا لتقديم الاقتراحات البنائه بهدف تطوير منتدانا الحبيب من هنا لمتابعة قوانين المنتدى |