بر الوالدين ؟
من طرف عبدالناصر خليفه أمس في 3:12 pm
بر الوالدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة؟
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }.
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
إخوتي في الله : يقول تبارك وتعالى :
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}
معنى قضى أي : أمر ، وجاء معناها : وصىَّ ، وجاء معناها : حكم ، فالله سبحانه وتعالى أمر ووصَّى وحكم أن لا تعبدوا إلا إياه ، أي نفي للعبودية وإثابتها فقط لله تعالى ، أي لا معبود بحق إلا الله ، ولهذا خلق الله الكون
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
وبهذا أرسل الله الرسل
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ }
وجعل أفضل كلمة في هذا الكون كلمة التوحيد ،
قال تعالى :{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}
.وقرن سبحانه وتعالى عبادته وطاعته ببر الوالدين وطاعتهما ، فإن عبداً مهما علت رتبته بالطاعة لله تعالى وبالعبادة فإنه لا يكون عبد بحق إلا إذا امتثل لأوامر الله تعالى ، وأعظم تلك الأوامر بعد التوحيد هو بر الوالدين ، والذي قرنه سبحانه وتعالى بعبادته ، وكذلك قرن سبحانه الشرك به والعياذ بالله تعالى مع العقوق الوالدين ، فقد جاء عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس ))
ويا للعجب أن الله تعالى اشترط لد**** الجنة " بر الوالدين بعد توحيده ، بهذا أوحى الله تعالى إلى حبيبة ومصطفاه ، فقد جاء عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه ))
وكان هذا سنة الله في خلقه ، وليس على هذه الأمة فحسب
قال تعالى :
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }
وقال تعالى : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }
وقال تعالى :
{ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وكان الأنبياء أبر الناس بوالديهم فحدثنا الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام أنه كان يدعو بهذا الدعاء :
{ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}
وكذلك نوح عليه السلام :
{ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً }
وكذلك عيسى عليه السلام أوصى الله تعالى :
{ وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً }
وكذلك يحيى عليه السلام :
{ وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً }
وغيرهم من الأنبياء والمرسلين كثر .
ويا للعجب أيضاً أن الله تعالى جعل بر الوالدين
مقدم على الجهاد في سبيل الله تعالى
جاء من حديث ابن مسعود قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أي العمل أحب إلى الله
قال : (( الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ))
فالبر مقدم على الجهاد في سبيل الله إلا في حالة جهاد الدفع –
أي يكون العدو دخل البلدة فعلى أهل تلك البلدة الدفاع عن بلدهم فيخرج الابن دون إذن أبويه والزوجة دون إذن زوجها وهكذا –
أما في الجهاد العادي وهو جهاد الطلب فالبر مقدم عليه ، استمع معي إلى تلك الأحاديث فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد
فقال : (( أحي والداك )) قال : نعم قال : (( ففيهما فجاهد )) وفي رواية لمسلم قال : أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله
قال فهل من والديك أحد حي قال نعم بل كلاهما حي قال فتبتغي الأجر من الله قال نعم قال فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما
وعن عبد الله بن عمرو؛ قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبوي يبكيان قال: "" ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما "" .
وعن أبي سعيد الخدري : أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال: "" هل لك أحد باليمن ؟ "" فقال: أبواي ، قال: "" أذنا لك ؟ "" قال: لا ، قال: "" ارجع إليهما فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما "
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال : ( هل لك من أم ) قال نعم قال : ( فالزمها فإن الجنة عند رجلها )
ورواه الطبراني بإسناد جيد ولفظه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستشيره في الجهاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألك والدان قلت نعم قال : (( الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما )) .
ويا للعجب أيضاً أن الله تعالى جعل رضاه برضى الوالد ، فإذن لن يمن الله تعالى على عبدٍ من عباده بالرضى وهو عاق لوالديه – ومن المعلوم أن الجنة لن يدخلها أحد إلا برضى الله جلَّ وعلا في علاه ، فعن عبد الله بن عمر قال: " رضا الرب في رضا الوالد و سخط الرب في سخط الوالد " .. فإذا كان هذا بالنسبة للوالد فمن باب أولى أن يكون رضى الله سبحانه وتعالى في رضى الأم لماذا ؟ الجواب : هو ما جاء في هذا الحديث عن أبي هريرة (( أن رجلا قال يارسول الله من أبر قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أباك )) فلو صليت حتى تكسَّر صلبك وذكرت الله حتى تفتَّتت لسانك وجاهدت في سبيل الله حتى مِتَّ شهيداً فلن تدخل الجنة حتى يرضى عنك والداك ، للحديث الذي ذكرناه سابقاً أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه )) .
ولهذا جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه)) قيل من يا رسول الله قال :
(( من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة )).
وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال آمين آمين آمين
قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال : (( إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين ))
. وفي رواية أخرى للطبراني من حديث ابن عباس بنحوه وفيه : (( ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما دخل النار فأبعده الله وأسحقه قلت آمين )) .
إذن هذه الدعوات الثلاثة حق على كل من أصابته وكان من ضمن هؤلاء الثلاثة ، لأن الذي دعا هو جبريل عليه السلام وهو خير رسل الملائكة على الإطلاق ، ودعوة الملائكة مستجابة بمشيئة الله تعالى لأنهم وكما وصفهم ربهم : { لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
. والذي أمَّنَ على الدعاء هو حبيب الله وخليله ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم ولا محالة دعوته مستجابة ، كيف لا وهو خير رسل الله على الإطلاق .
وجاء أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والديوث والرجلة من النساء .
فكيف إذا كان ملك الملوك وعظيم السماوات والأرض هو سبحانه الذي لا ينظر إلى عبده وهو أرحم الراحمين ، في يوم أحوج ما يحتاج العبد إلى نظرة رأفة ورحمة من مليكه الملك الديان ، وإن كان لا غنى عن فضله سبحانه في الدنيا فضلاً عن الآخرة مقدار طرفة عين أو أقل من ذلك ، ومن حرم نظرة رحمة من أرحم الراحمين ، حرم الجنة لأنها دار رحمته ومن حرم الجنة كانت النار أولى به لأنه ليس بعد الدنيا من دار إما الجنة أو النار ،
قال تعالى :{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ }
وجاء أيضاً أمر مخيف وعظيم وهو أنَّ العاق لا يُقبَل منه ما أدَّى من الفرائض التي فرضها الله عليه من صلاة وزكاة وصوم وحج وجهاد وغير ذلك ، سواء كان فريضة أو نافلة ، وكان بهذا شبيهاً بالمشرك أو الكافر والعياذ بالله من هذا الوجه حيث من المعلوم أن الله لا يقبل من كافر أو مشرك عبادة إلا بعد د****ه الإسلام ونطقه بالشهادتين ، فقد جاء عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ثلاثة لا يقبل الله عز وجل منهم صرفا ولا عدلا عاق ولا منان ومكذب بقدر )
وجاء أيضاً : أن العاق ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن كان ملعون على لسان رسول الله فهو ملعون من قبل الله تعالى لأن محمداً ما هو إلا مبلغ لما أوحى الله تعالى إليه ، ومن لعنه الله ، أبعده وطرده من رحمته والعياذ بالله ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من ذبح لغير الله ملعون من عق والديه ))
وهناك وصية للرسول صلى الله عليه وسلم وصى بها معاذ بن جبل رضي الله عنه ، جاء في مضمونها : (( لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت ولا تعص والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة وإياك والمعصية فإن بالمعصية حل سخط الله وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس وإن أصاب الناس موت فاثبت وأنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله ))
وجاء عن أبى الدرداء قال: أوصانى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسع: (( لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت ، ولا تتركن الصلاة المكتوبة متعمدا؛ ومن تركها متعمدا برئت منه الذمة ، ولا تشربن الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر ، وأطع والديك ، وإن أمراك أن تخرج من دنياك؛ فاخرج لهما ، ولا تنازعن ولاة الأمر ، وإن رأيت أنك أنت ، ولا تفرر من الزحف؛ وإن هلكت وفر أصحابك ، وأنفق من طولك على أهلك ، ولا ترفع عصاك عن أهلك ، وأخفهم في الله عز وجل )) .
وجاء أيضاً عن جابر بن عبد الله أن رجلا قال يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال : (( أنت ومالك لأبيك ))
قد يسأل سائل لماذا بالغ الإسلام واهتم بهذا الإهتام بالوالدين ؟ الجواب على ذلك أمر يسير وهو ، أنه لا يشكر الله من لم يشكر الناس ، كما جاء في سلسة الأحاديث الصحيحة من قوله عليه الصلاة والسلام : (( لا يشكر الله من لا يشكر الناس )) .
وأحق الناس بالشكر هم الوالدان لأنهما صاحبا كل معروف علي فُهُما السبب لوجودي في هذه الدنيا ، فهذا المعروف والإحسان منهما بماذا أقابله ؟ أقابله بالبر لهما والإحسان ما استطعت لذلك سبيلا لعلي أكافئ بعض فضلهما علي ، والفضل الأكبر منهما لا أستطيع أن أكافئهما عليه فالله يكافئهما عليه ، فالله أسأل العفو والمغفرة والمسامحة والتجاوز عن تقصيري في عدم استطاعتي على مكافئتهما ، وأدعو الله دائماً ما حييت ، لهما بالمغفرة والرحمة كما ربَّياني صغيرا ، لأنهما صحبا المعروف والإحسان علي وقد جاء من حديثه عليه الصلاة والسلام : (( من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه )) . وقد علم سبحانه أن الولد مهما صنع من المعروف مع والديه فلن يستطع أن يرد اليسير من جميلهما عليه فقد جاء عن أبى بردة ؛ أنه شهد ابن عمر ، ورجل يماني يطوف بالبيت - حمل أمه وراء ظهره - يقول:
إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر
ثم قال: يا ابن عمر! أترانى جزيتها ؟ قال: (( لا . ولا بزفرة واحدة ، واحدة . ولهذا قال سبحانه
{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }
ولا يقدَّم عليهما بالفضل إلا الخالق وهو الحق جل في علاه فهو المسبب لوجودي في هذا الوجود ، فهو صاحب المن والجود والكرم سبحانه ، وكذلك عبد الله وحبيبه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم فهو له الفضل في تبليغنا الرسالة وتأدية الأمانة فصلوات الله وسلامه عليه في السماوات والأرض وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين وعلى آله أجمعين .
والله سبحانه وتعالى يُذَكِّر الإنسان دائماً في محكم تنزيله أن الله خلقه في بطن أمه وهو وهن وأمه بطبيعتها كامرأة مخلوق ضعيف فهي وهن ، فكان الحمل وهناً على وهن كما قال تعالى :
{ وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }
. فانظر أخي في الله إلى هذا المجهود العظيم الذي بذلته أمك وهي حامل بك في أحشائها تسعة أشهر وهي الضعيفة بطبيعتها ، فمثل ذلك على نفسك أخي في الله لو أنك اشتريت حاجة ما ، تزن اثنين كيلو غرام فهل تستطيع أن تحمله بيد واحدة من السوق إلى البيت دون أن تغير إلى اليد الأخرى ؟!! فكيف بهذه الأم الضعيفة حملتك تسعة أشهر تأكل من أكلها تتغذَّى من دمها كالعلقة تأخذ من نفسها ، تسعة أشعر ، وأنت أحب إلى قلبها من العسل ، ويا ليت هذا فحسب بل عندما يحين موعد خروجك من بطنها تأتي الزفرات والآهات والآلام من أمك وربك أنك تستعصي عن الخروج فيؤدي الأمر بالطبيب أن يفتح بطن أمك بالمشرط لإخراجك ، ويا ليت ذلك يعجبك تخرج وأنت تبكي ، وأمك تلك المسكينة لما تستيقظ من البنج بعد غيبوبتها أثناء عملية الولادة ، تنظر إليك بعين العطف والرحمة فتنسى كل ما عانته من الآلام طيلة مدة الحمل والولادة بنظرة واحدة وهي تقول " ربي ، ربي خذ من عمري وأعطه " .
وهناك من يقابل هذا الإحسان بالإساءة والعقوق ، وقد سمعنا ونسمع من القصص الغريبة عن أصحاب العقوق كيف يعملون آبائهم حيث نشرت جريدة من إحدى الجرائد العربية
هذه القصة وهي : بينما رجل في إحدى الدول العربية خرج للنزهة هو وأهل بيته إلى شاطىء البحر للسمر هناك ، بينما هو على الشاطىء لاحظ امرأة عجوز لوحدها جالسة هناك ، وهذه المرأة لها فترة من الوقت فلأول وهلة اعتقد الرجل أن هذه المرأة تنتظر أحد أبنائها أو أقاربها ، ولكن سرعان ما تبدد هذا الظن باليقين أن للمرأة شأن ما وخاصة أن الرجل أراد أن ينقلب إلى بيته بعد قضاء النهار وانتصف الليل وهو على الشاطىء فقال لأهله أريد أن ارى تلك العجوز لعل لها حاجة أقضها لها ، فاتى إليها وسألها عن شأنها وعن انتظارها لهذه الساعة المتأخرة من الليل ، فأجابته أنها تنتظر ولدها والذي أتى بها إلى هنا وقال لها لا تبرحين هذا المكان حتى آتي لآخذك ، وها أنا أنتظر ولدي ، فقال لها يا أماه لا أظن إنه سيأتي وخاصة أن الوقت قد تأخر فهيا بنا إلى بيتي ونحن سنتصل به بعد ذلك ، فأبت الذهاب معه وأكدت عليه إنه سيأتي لا محالة وخاصة إنه ترك معي ورقة ، فقرأها الرجل وإذا بها " الرجاء على من عثر على هذه العجوز أن يضعها في دار العجزة "
فسبحان الله هل جزاء الإحسان إلا الإحسان والحق جلَّ وعلا في علاه يقول :
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }
وقصة أخرى يرويها باع مجوهرات في إحدى الدول العربية يقول : جاءت سيارة للمحل فنزل منها رجل وزوجته يريدان شراء بعض المجوهرات ونزلت امرأة عجوز تحمل ولد صغير بقيت تنتظر جانب الباب ، فلما انتهى الرجل وزوجته من شراء بعض المجوهرات ، أراد أن يدفع الحساب والذي كان قيمته ما يزيد عن الخمسة آلاف دولار " فدفع المبلغ بالكامل وبقي مبلغ ما يعادل خمس وعشرون دولار أبى أن يدفعه بعد ما علم أن زوجته اشترته لأمه ، وقال كلمة سيسأل عنها أمام الله إن لم يتب عنها بطلب العفو والمسامحة من أمه قال " العجايز لا يستحقون الذهب " فرجعت الأم إلى السيارة وهي تبكي وتقول لولدها كنت فرحة بالعيد فقتلت فرحتي فسامحك الله ،
قال تعالى : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }.
وهناك قصة أخرى : امرأة عجوز أودعها ولدها العاق في دار العجزة ولم يزرها طيلة مدة إقامتها إلى أن مرضت مرض الموت ، طلبت تلك المرأة العجوز من القائمين على المستشفى بأن يتصلوا بولدها لعلها تراه وتحضنه قبل أن تفارق الدنيا ، فلما اتصلوا به قال ذلك المجرم العاق " أنا مشغول جداً ولا أستطيع أن آتي إلى المستشفى وأغلق سماعة الهاتف أمام المتصل ، وبعد أيام ماتت تلك العجوز فاتصلوا فيه ثانية لعمل الإجراءات لدفنها ، فرد عليهم بقوله أنا مشغول كثيراً فادفنوها واعملوا أنتم الإجراءات .
أيها العاق اعلم أنَّ دعوة الأب مستجابة ، ومن باب أولى الأم كذلك فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة الوالد ودعوة المظلوم ودعوة المسافر ))
وكذلك دعوة المظلوم مستجابة ، فكيف يا أيها العاق إذا كانت الدعوة عليك من أب أو أم مظلومَيْن ، فعند ذلك تلقى الانتقام ممن يرفع دعوة المظلوم فوق الغمام ويقول لها " وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين .
فهذا المجرم العاق مشغول عن رضى ربه سبحانه وتعالى والذي رضاه من رضا والديه ، فسيشغله الله في نار جهنَّم وبئس القرار ، لقوله تعالى :
{ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً }
ولأنه لم يستجب لأمر مولاه جل وعلا في علاه والقائل :
{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .
اخوتي في الله : من أراد التقرب إلى الله تعالى ، من أراد رضى الله تعالى ، من أراد الفوز بالجنان فعليه برضا الوالدين فهو أفضل ما تتقرب به إلى الله تعالى ، فقد جاء عن ابن عباس ، أنه أتاه رجل فقال: إنى خطبت امرأة ، فأبت أن تنكحني ، وخطبها غيرى ، فأحبت أن تنكحه ، فغرت عليها فقتلتها ، فهل لي من توبة ؟ قال: أمك حية ؟ قال: لا . قال: تب إلى الله عز وجل ، وتقرب إليه ما استطعت . [ قال: عطاء بن يسار: ] فذهبت ، فسألت ابن عباس: لم سألته عن حياة أمه ؟ فقال: "" إنى لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة "" . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال إني أذنبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة فقال هل لك من أم قال لا قال فهل لك من خالة قال نعم قال فبرها ،
وبر الوالدين من أفضل الأعمال التي يُتَوَسَّل بها إلى الله تعالى ، فقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوا فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فقال رجل منهم اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأى بي طلب شجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر
زاد بعض الرواة والصبية يتضاغون عند قدمي فاستيقظا فشربا غبوقهما
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة
فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منها
قال الآخر اللهم كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت لا يحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه
فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها
وقال الثالث اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرتهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال لي يا عبد الله أد إلي أجري فقلت كل ما ترى من أجرك من الابل والبقر والغنم والرقيق
فقال يا عبد الله لا تستهزىء بي فقلت إني لا أستهزىء بك فأخذه كله فساقه فلم يترك منه شيئا اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه
فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون ))
وبر الوالدين طريق للولد البار بأن يكون مستجاب الدعوة لما جاء من حديثه عليه الصلاة والسلام حيث قال :
(( إن خير التابعين رجل يقال له : أويس و له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره و كان به بياض فمروه فليستغفر لكم )) رواه مسلم عن عمر رضي الله عنه . يخبر عليه الصلاة في هذا الحديث أنه سيكون خير التابعين " رجل أسمه أويس من أهل اليمن وله أم هناك فكان لها نعم الولد البار ، وكان به برص فدعا الله تعالى فشفاه إلا موضع درهم ، فحث رسول الله أصحابه من سيدرك ذلك الرجل أن يسألوه أن يدعو لهم لأن دعوته مستجابة ، وما كان لذلك أن يكون إلا لأنه كان باراً بأمه فبهذا أصبح مستجاب الدعوة عند الله تعالى .
* قد يسأل سائل هل من بر لوالدي أبرهما به بعد وفاتهما ؟ الجواب : نعم لما جاء في هذا الحديث : فعن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "" إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه "" . صححه الألباني في الأدب المفرد .
فمن البر والمعروف للوالدين بعد وفاتهما ، أن تصل أصحابهما لأجلهما ، ومن باب أولى أرحامهما وأقاربهما ، فتجد اليوم يفارق الرجل أخاه وعمه وعمته وخالته ، نسأل الله العافية ، وكذلك من برهما بعد وفاتهما كثرة الدعاء والإستغفار لهما والتصدق عنهما إلى غير ذلك من الأعمال الصالحة التي كانا يفعلانها ، فقد جاء عن أبى هريرة قال: "" ترفع للميت بعد موته درجته . فيقول: أي رب! أي شيء هذه ؟ فيقال:" ولدك استغفر لك"
وجاء أيضاً عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بريدة " أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت " ... يارسول الله إن أمي ماتت ولم تحج قال: فحجي عنها ، قالت إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أو أصوم عنها ؟ قال: نعم فصومي عنها ] . وجاء أيضاً عن عائشة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( إن أمي افتلتت نفسها ولم توص وإني أظنها لو تكلمت لتصدقت فلها أجر إن تصدقت عنها ولي أجر قال نعم )).
وأخيراً نبين ما للعاق من عقاب عند الله تعالى والعياذ بالله :
عقابه في الدنيا : هي اللعنة تحل عليه من الله تعالى وتبقى عليه إلى أن يلقاه إن لم يتب ويبر والديه .
وكذلك في الدنيا خراب الديار ونقص الأموال والثمرات عليه وكذلك نقص العمر ومحق بركته فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : (( ... صلة الرحم وحسن الجوار أو حسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار ))
وهنا يشير الحديث أن من أسباب عمران الديار وزيادة الأعمار صلة الرحم ، معنى ذلك أن قطع الحم يكون الخراب والدمار والوبال والعياذ بالله .
وجاء عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر)) – ومعنى لا يزيد في العمر إلا البر ، عكسه العقوق - .
وجاء أيضاً عن أبي بكرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ))
وهناك عقاب في القبر الله أعلم عن كيفيته ، كيف يختلف الأمر من عاق إلى آخر فقد جاء
عن العوام بن حوشب رضي الله عنه قال : (( نزلت مرة حيا وإلى جانب ذلك الحي مقبرة فلما كان بعد العصر انشق منها قبر فخرج رجل رأسه رأس الحمار وجسده جسد إنسان فنهق ثلاث نهقات ثم انطبق عليه القبر فإذا عجوز تغزل شعرا أو صوفا فقالت امرأة ترى تلك العجوز قلت ما لها قالت تلك أم هذا قلت وما كان قصته قالت كان يشرب الخمر فإذا راح تقول له أمه يا بني اتق الله إلى متى تشرب هذه الخمر فيقول لها إنما أنت تنهقين كما ينهق الحمار قالت فمات بعد العصر قالت فهو ينشق عنه القبر بعد العصر كل يوم فينهق ثلاث نهقات ثم ينطبق عليه القبر ))
وأما عقابه في الآخرة فقد تبين لك فيما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة في مطلع هذه الرسالة .
فالله أسأل أن يصلح أعمالنا وأحوالنا وأن نلقا الله تعالى ونحن باريين بآبائنا وأمهاتنا ، والله نسأل أن يغفر لنا ولوالدينا وأن يرحمهما كما ربيانا صغارا . وإلى لقاء قريب
أستودعكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولاتنسونا بصالح الدعوات
توقيع العضو : عبدالناصر خليفه |
|