** المتحابون في الله
يحبهم الله **
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن المتحابين في الله لهم المنازل العظيمة يوم القيامة،
فهم في ظل الله على منابر من نور،
يحبهم الله سبحانه وتعالى ويحشرون معاً،
يغبطهم النبيون والشهداء،
وقبل هذا قد وجدوا طعم الإيمان في دنياهم.
عباد الله:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهذا القول ليس للصحابة بل لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم،
نسأل الله أن يجعلنا من أمة الإجابة
الذين أجابوا رسول الله وسمعوا لما قال،
يقول صلى الله عليه وسلم: {يا أيها الناس!
اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عز وجل عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء
يغبطهم النبيون والشهداء على منازلهم وعلى قربهم من الله -الله أكبر!
هؤلاء الناس من الآدميين، هؤلاء الناس من البشر
يخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم-
فقام رجل من الأعراب من قاصية الناس
وألوى بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله! ناس من الناس
ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء
على مجالسهم وعلى قربهم من الله؟! صفهم لنا يا رسول الله؟
فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الأعرابي،
فقال صلى الله عليه وسلم:
هم ناس من أفناء الناس وموازع القبائل لم تصل بينهم أرحامٌ متقاربة
إنما تحابوا في الله وتصافوا في الله،
يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها
فيجعل وجوههم نوراً وثناياهم نوراً يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون،
وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }.
الله أكبر! بثمن بسيط نالوا تلك المنازل، بالحب في الله والبغض في الله.
المتحابون في الله يجدون طعم الإيمان
عن أنس رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
{ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجد بِهِنَّ حلاوة الإيمان:
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما،
أن يحب العبد لا يحبه إلا لله،
وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه
كما يكره أن يقذف في النار }
رواه البخاري ومسلم .
وروى البخاري ومسلم أيضاً:
{ثلاثٌُ من كُنَّ فيه وجد بِهنَّ حلاوة الإيمان وطعم الإيمان:
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما،
وأن يحب في الله ويبغض في الله }.
عباد الله:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{إن الله تعالى يقول يوم القيامة:أين المتحابون بجلالي؟ }
ليس للمساهمات، ولا للأموال الطائلة،
يقول يوم القيامة في ذلك الموقف الرهيب،
في ذلك الموقف العظيم الذي يشيب فيه المولود،
وتضع الحوامل حملها.
{أين المتحابون بجلالي؟ } الله أكبر!
اللهم أغث قلوبنا بالإيمان،
اللهم أتبعنا بالمتحابين فيك يا رب العالمين،
إنها كلمة لها مقام يا عباد الله!
يقول ربنا جلَّ وعلا:
{أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي }
حديث صحيح يرويه الإمام مسلم
المتحابون في الله يحبهم الله
عباد الله:
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر هذا الخبر
أن ربنا جلَّ وعلا أرصد ملكاً من ملائكته
لعبدٍ من عباده يخبره أنه يحبه،
بأي شيء حصل ذلك يا عباد الله؟!
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{إن رجلاً زار أخاً له في قرية فأرصد الله على مدرجته
-يعني: على طريقه- ملكاً،
فلما أتى عليه قال:
أين تريد يا عبد الله؟ قال:
أخاً لي في هذه القرية -زيارة لله، حباً لله، تباذلاً لله –
قال:{هل لك عليه من نعمة؟ تردها }
{.. قال: لا. غير أني أحبه في الله.. }.
الله أكبر! يذهب إلى قرية أخرى لأنه يحبه في الله،
وماذا قال له الملك؟
{ قال له: فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه }.
من فوق سبع سموات يعلم الضمائر وما تخفي الصدور،
علام الغيوب يعلم ما في القلوب،
يرسل ملكاً من الملائكة لعبدٍ من عباده يخبره أنه يحبه؛
وبسبب أنه يحب أخاً له في الله ويزوره في الله. الله أكبر!
المتحابون في الله يغبطهم النبيون والشهداء
عن أبي مسلم رحمه الله؛ وهو تابعيٌ من التابعين قال قلت:
لـمعاذ ؛ الصحابي الجليل رضي الله عنه:
[[والله إني لأحبك لغير دنيا أرجو أن أصيبها منك، ولا قرابة بيني وبينك،
قال: فبأي شيء؟ قلت: لله، قال: فجذبني بحبوتي
ثم قال: أبشر إن كنت صادقاً
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
{المتحابون في الله في ظلالعرش يوم لا ظل إلا ظله
يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء }.
يقول أبو مسلم التابعي رحمه الله -لأنهم
حريصون على حب الخير وعلى البحث عن الخير-
ثم لقيت عبادة بن الصامت ؛
صحابي جليل فحدثته بحديث معاذ ،
فقالعبادة رضي الله عنه:
وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
عن ربه تبارك وتعالى:
{حقت محبتي على المتحابين فيَّ، وحقت محبتي على المتناصحين فيَّ،
وحقت محبتي على المتباذلين فيَّ -هم على أي شيء يا عبادة !
كما أخبرك رسول الله؟-
هم على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقين والشهداء } ]].
المتحابون في الله يحشرون معاً
عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{متى الساعة يا رسول الله؟ قال: وما أعددت لها؟
قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله،
قال: أنت مع من أحببت.
قال أنس رضي الله عنه:
ما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
أنت مع من أحببت. قال أنس رضي الله عنه:
فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم
وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم }
رواه مسلم .
عباد الله:
إن في هذا الحديث بشارة عظيمة سارة لمن أحب الله ورسوله
وأحب صحابة رسول الله ومن تبعهم بإحسان واقتدى بهم.
أحبتي فى الله :
للمحبة في الله شروط منها :
1 ـ أن تكون لله ، فكل عمل لغير الله لا يقبله الله ،
ومعنى كونها لله أنها لا تتأثر ببياض أو سواد
أو حزب أو جماعة أو بلد أو عرق
بل هي لله وحده لا شريك له .
2 ـ أن تكون على الطاعة ، فالحب في الله طاعة لله ،
فهل تستغل طاعة الله لشيء محرم ؟ ! .
3 ـ أن تشتمل على التناصح ، فالمؤمن ناصح للمؤمنين أجمعين ،
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم
من حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه :
الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة .
أحبتي فى الله :
للمحبة في الله واجبات منها :
1 ـ إخبار من يحب .
فعن المقداد بن معدِيكرب رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه .
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن .
2 ـ أن تحب له ما تحب لنفسك .
لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
ا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
3 ـ الهدية .
في سنن البيهقي عن أبي هريرة رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
تهادوا تحابوا .
4 ـ إفشاء السلام .
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا
أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم .
5 ـ البذل والتزاور .
والمقصود البذل بمعناه الواسع
بذل من الوقت والجهد والعلم والمال
إن أخاك الحق من كان معـك * * * ومن يضـر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صـدعك * * * شتت فيك شمله ليجمعك
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك
وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك.
اللهم اجعلنا من المتحابين فيك،
ومن المتواصلين فيك،
ومن المتناصحين فيك
يا رب العالمين.
توقيع العضو : عبدالناصر خليفه |
|