السلام عليكم
طبيعة العلاقة بين (الولد والبنت) قبل الزواج
هناك حدوداً سنتها الشريعة فى المعاملة بين الولد والبنت ووردت في سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وعلينا أن نتبعها ونلقنها لأبنائنا من بعدنا ، وفي ذلك صلاح لأحوالنا ولأحوال الأمة كلها ، فلو
أننا تركنا العلاقة بين الولد والبنت بغير التمسك بحدود الله فيها ، لأدى ذلك لانهيار البناء الأخلاقى للأمة الإسلامية بأسرها ، والإسلام لم يحرم وجود علاقة بين الولد والبنت وإنما جاء منسق لها فلم يتشدد ولم يتراخى وإنما توسط الأمرين لما فى ذلك من خير
فماذا لو تركنا أمر العلاقة بين الولد والبنت حائراً دون الحدود ألن يؤدى ذلك إلى فساد المجتمع بل قد يؤدى إلى اختلاط الأنساب واختراق قواعد الدين والسلوك ، ونحن نرى الكثير فى غفلة عن ذلك كله ، شباب وبنات يسيرون فى الطريق بلا هدى ، فهل هذا لغياب القدوة ، ولكن كيف ونحن مسلمون نقتدى بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وأرانى أرجع السبب فى ذلك للبعد عن الله عز وجل والبعد عن القدوة الحسنة والامتثال بالقدوة السيئة
ماذا عن الحب ؟
الحب أسمى وأجمل الأشياء فى الدنيا وديننا دين السماحة والحب ، وما أعنيه الحب الطاهر الذى لا يشوبه شبهة ولا يخلف وراءه ذنب وأعظم الحب ، حب الله ويظهر فى التقوى ، وبألا تحب أحداً أكثر من حبك لله سبحانه وتعالى: " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب " {أنداداً} البقرة 165
فلا تشرك فى حبك لله أحداً ، أما حب العبد للعبد فلا إثم فيه ولا هو حرام وإنما إذا أحب الشاب فتاة فليحبها فى الله كذلك إذا هى فعلت . ولكن كيف يكون الحب فى الله ؟ يكون الحب فى الله بأن يبتغى مرضاة الله من هذا الحب وأن يتقى الله فى هذا الحب ، فإن الله سبحانه وتعالى رسم للإنسان منهجاً يسير عليه
قال تعالى : "وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " الأنعام 153 ، أى أن صراط الله هو طريقه الذى جعله منهجاً للسلوك المستقيم الذى لا عوج فيه وعلى الشباب و الفتيات أن يتبعوا هذا الطريق السوي ، فإذا اتبعوه وساروا عليه سعدوا برضوان الله فى الدنيا وفى الآخرة وإذا انحرفوا عن صراط الله ، واتخذوا طرقاً أخرى مبتدعه ، تفرقوا عن سبيل الله وحادوا عنه ، وضلوا بإعراضهم عن هداية الله . أما عن العلاقة بين الشاب والفتاة فلا يجب أن تتعدى حسن المعاملة التى أمر بها الله سبحانه وتعالى وعن نبي الله موسى عليه السلام أنه قابل إمرأة تستقى فاستسقى لها ، أما إذا ذادت العلاقة بين الشاب والفتاة عن حدود الله فى المعاملة بينهما ، كان ذلك خرقاً لتعاليم الإسلام وأوامر الله عز وجل
ودعا الله كلا من الرجل والمرأة إلى الاتصاف بالخصال الطيبة والآداب الفاضلة ليكون الرجل والمرأة عضوين نافعين فى المجتمع ، وراعى الإسلام الفوارق الطبيعية بين الرجل والمرأة ، ووظائف الذكر والأنثى ، فخص النساء ببعض الآداب لحفظ شرفهن وصيانة كرامتهن ومنعاً لهن من تعدى سفهاء الرجال
الحب قبل الزواج
الحب قبل الزواج علاقة غير مشروعة بالرغم من وجودها هذه الأيام وفى مثل هذه العلاقات يقع كل من الشاب والفتاة فى محظورات نهانا الإسلام عنها فنجد الشاب والفتاة يتواعدان سراً تحت مسمى الحب وتارة يتحادثان بقول معسول وكلام من شأنه أن يضعف النفس أمام الشهوات والرغبات ويعد ذلك خضوعاً بالقول من الفتاة كذلك إباحة النظر فينظر كل منهما للآخر نظرة عظم ذنبها فالمرء قد يفحش بالنظر بل قد يرتكب الأكثر إثماً بمجرد نظرة قد يستهين بها. كذلك أن يختلى الحبيبان مع بعضهما ظناً منهم أن الحب شفيع لهم أمام المجتمع ولو صح ذلك فهل يشفع لهم أمام الخالق يوم العرض عليه؟ فالحب إذا دعا لمعصية الله كان نداً لله سبحانه وتعالى والله أغنى الشركاء عن الشرك به
وقال صلى الله عليه وسلم فى الخلوة : " إياكم والدخول على النساء فوالذى نفسي بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهم " رواه الطبرانى . ولنتصور أيها الأحياء مدى الإغراء فى مجلس يحضره الشيطان ؟ وقد نهى الإسلام عن الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه وذلك بعداً عن الفتنة وإتقاء لما عسى أن يقع من اقتراف ما حرم الله ، ومن المعلوم أن الغريزة الجنسية من أقوى الغرائز وأعفها وما من شك ، أن إجتماع الرجل والمرأة فى خلوة من شأنه أن يثير النفس، ويدعو إلى إرتكاب الإثم ، فلا يجتمع رجل وامرأة أجنبية عنه إلا فى حضور أحد محارمها مع حفاظ كل منهما على غض البصر فإن ذلك أسلم للقلب وأطهر للنفس
قال تعالى : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظون فروجهم ذلك أذكى لهم إن الله خبير بما يصنعون " لنور 30 - ومن ذلك فإن العلاقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج فعل غير مشروع حتى وإن تضمن وعداً بالزواج ولنعلم جيداً أنه لاحب بغير زواج .. والحب فى غايته نبيل وإحساس عفيف ولكن إذا وظف فى مكانه الصحيح كحب الله والأهل والعشيرة والرسول صلى الله عليه وسلم والزوجة والولد وما غير ذلك ولكن من منا إذا أحب لم يفكر فى محبوبه ويطلق لخياله العنان فى ذكر الحبيب وتذكره وإستجماع خصاله وصفاته من الذاكره لتطفئ نار الشوق واللهفة والسؤال لكم أيها الإخوة والأخوات - هل يجوز أن يحدث كل ذلك بغير زواج ؟
متى نصرح بالحب ؟؟
الحب حلال إذا مارسناه بطريقة صحيحة كما أشرنا سابقاً ، ويكون حرام إذا غفلنا عن هدى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد نهى الله عزوجل نساء المؤمنين عن العلاقات ما قبل الزواج لما فيها من لين وتميع فى الكلام مما يغضبه سبحانه وتعالى فقد قال فى كتابه: { يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً } الأحزاب 32
وهذه آداب أمر الله بها نساء النبى لأنهم يعتبروا قدوة لنساء الأمة كلها وقوله عز وجل { فلا تخضعن بالقول } يعنى بذلك ترقيق الكلام واللين والتميع فى مخاطبة الرجال ( والمقصود هنا الرجل الأجنبى عن المرأة ) ومعنى قوله عز شأنه { وقلن قولاً معروفاً } أى قولاً حسناً جميلاً وألا تخاطب الأجانب بكلام فيه لين وتميع أى لا تخاطب أجنبى كما تخاطب زوجها ، ولذلك فاحرصي أيتها الأخت الكريمة على عدم الخضوع بالقول والتصريح لغير الزوج ( الأجنبى ) بعبارات الحب فذلك يعد خضوعاً بالقول وهذا أمراً محرماً ورد نص صريح فى تحريمه
فحاذري من أن تقعى فى ذنب وأنت لا تشعرين ، وتجملي بخلق المرأة المسلمة المؤمنة ، وحافظى على نفسك ودينك ، وقولى قولاً سديداً حتى لا يضعف أو يفتن من فى قلوبهم مرض ، فعندما تقولى عبارات الحب والغرام لشاب مثلك فى خلوة أو حتى فى غير ذلك فإن بذلك القول قد حركتى مشاعره وغريزته ورغبته المكبوتة عنده وكل ذلك فى غير موضعه الصحيح كذلك إذا فعل هو معك الشئ نفسه ودنا منك بقوله المفعم بالكلمات الرقيقة المحركة للرغبة والمشاعر ، كان بذلك يدفعك إلى ارتكاب ذنباً ومعصية ومن كان منكم يظن نفسه أقدر على التحكم فى رغبته وشهوته من غيره فالأحرى به أن يؤجل هذا القول إلى أن يعجل الله بزواجه ، وأن تتقوا الشبهات فهذا خيراً لكم
والشاب الذى لم يستطع الزواج فعليه بالصوم والصبر حتى يتم الله عليه نعمته وذلك إمتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من أستطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) البخارى ، فالصوم أيها الشباب يحفظ النفس والعفة ، وإن صبرت فإن الله يأجرك على صبرك هذا والله واسع الثواب ، وأنت بصومك جاهدت نفسك وأخضعتها لطاعة الله عز وجل وكان ذلك خير الجهاد { والذين جاهدوا فينا سنهدينهم سبلنا } العنكبوت 69
وأخيراً في المصاحبة
يقول المولى عز وجل { ولا متخذات أخدان } النساء 25 ، ومعنى قوله عز وجل { متخذات أخدان } أى متخذات أخلاء ومن هذا فلا يجوز للفتاة أن تتخذ رفيق لها أو صاحب لها وعدم الإجازة نص كريم صريح وفي هذا حكمة من الله عز وجل فإن المرأة عاطفية بطبيعتها ولو دخلت فى علاقة مع شاب وتوسمت فيه زوجاً صالحاً لها وإرتضته لنفسها وقام الشاب بخداعها ، لأثر ذلك فى نفسها تأثيراً سلبياً وترك فى نفسها جرحاً لا يندمل أبداً ، والله أحرص علينا من أنفسنا لذلك علينا أن نتمسك بتعاليمه وأوامره وابتغاء مرضاته
وأراد الله عز وجل أن يبعدنا عن هوى النفس باتقاء الشبهات والتحصن من الفتنة بسد جميع نوافذها ، فالمصاحبة بين الشاب والفتاة أرض خصبة يجدها الشيطان مدخلاً ميسوراً لنا ، ليهدم داخلنا التمسك بالدين وإنتهاجنا المنهج القويم وليحيد بنا عن طريق الحق تاركنا هاوين إلى الظلمة والضلال ، وإذا أمعنا النظر فى مصاحبة الولد والبنت ، لوجدنا فيها كل ما ذكرنا من إثم ومعصية ، فتجد فيها الخلوة والفحش بالنظر والخضوع بالقول بل وأكثر من ذلك ، ونحن كمجتمع شرقى إسلامى لا نجيز مثل هذه العلاقة وإن كانت منتشرة بين الشباب هذه الأيام
ونسأل الله أن يهدينا جميعاً وأن يرشدنا الطريق القويم - وعلينا يا معشر الشباب أن نتقى الله فى أنفسنا وفى بعضنا البعض { ومن يتقى الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب } سورة الطلاق آية 2-3
--------------------
حديث صحيح رواه الطبراني والبيهقي عن معقل بن يسار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لأن يطعن في رأس
أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " وصححه الألباني - رحمه الله
وهو مجرد اللمس بالمصافحة ونحوها، وذلك لأن المصافحة محرمة لذاتها كما ثبتت بذلك الأحاديث، ولأن النبي صلى الله
عليه وسلم سمى مجرد اللمس زناً كما في الحديث الذي أخرجه أحمد والحاكم وصححه الألباني " كل ابن آدم أصاب من
الزنا لا محالة، فالعين زناها النظر، واليد زناها اللمس، والنفس تهوى وتحدث، ويصدق ذلك ويكذبه الفرج".
ومن هنا تأتي خطورة لمس المرأة الأجنبية وما يحصل منه من التلذذ، ولأنه من أقوى الطرق المؤدية للوقوع في الفاحشة
الكبرى والعياذ بالله.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام.
رواه البخاري في الطلاق، و رواه مسلم
لاتنسونا بصالح الدعاء
توقيع العضو : عبدالناصر خليفه |
|