موسى والخضر
لَما التقى موسى بالخضر، قـال له: هل تأذن أيها العبد الصالح أن تفيض عليّ بعلمك على أن أتبعك وألتزم أمرك ونهيك؟ وكان الخضر قد أُلْهِم أن موسى لا يصبر على السكوت إذا رأى ما يكره، فقال الخضر لموسى: إنك لن تستطيع معي صبرًا، ولو أنك صحبتني سترى ظواهر عجيبة وأمورًا غريبة. فقال موسى وكان حريصًا على العلم توّاقًا إلى المعرفة: قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا سورة الكهف, الآية 69[1].
فقال الخضر: "إن صحبتني آخذ عليك عهدًا وشرطًا أن لا تسألني عن شيء حتى ينقضي الشرط وتنتهي الرحلة وإني بعدها سأبيّن لك ما استشكل عليك وأشفي ما بصدرك. فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا سورة الكهف, الآية 71[2].
بينما هما في السفينة فوجئ موسى بأنّ الخضر أخذ لوحين من خشب السفينة فخلعهما، فقال موسى ما أخبر الله عنه في القرآن: فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا سورة الكهف, الآيتين 71 و72[3].
ثم ذكّره الخضر بالشرط والعهد فتذكّر موسى وقال: لا تؤاخذني. وبينما هما على السفينة إذ جاء عصفور فوقع على حرفها فغمس منقاره في البحر، فقال الخضر لموسى: "ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما نقر هذا العصفور من البحر", أي لا نعلم من معلومات الله إلا القدر الذي أعطانا، والقدر الذي أعطانا بالنسبة لِما لم يُعطنا كما أصاب منقار العصفور من الماء حين غمسه في البحر. ولَمّا مرت السفينة بعد حين بدون أن يغرق أحد، مرّر الخضر يده على مكان اللوحين المكسورين فعادا كما كانا بإذن الله.[بحاجة لمصدر]
ولما غادرا السفينة تابعا المسير فوجدا غِلمانًا وفتيانًا يلعبون فأخذ الخضر واحدًا منهم كان كافرا لصًا قاطعًا للطريق وكان يُفسد ويقسم لأبويه أنه ما فعل فأخذه الخضر إلى بعيد أضجعه وقتله كما أخبر الله عزّ وجل: قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا سورة الكهف, الآية 75[4].
أكمل موسى والخضر طريقهما, وانطلقا حتى أتيا قريةً وكان أهلها بخلاء لئامًا، فطافا في المجالس وطلبا طعامًا فلم يقدّم أهل القرية لهما شيئا, وردّوهما ردا غير جميل, فخرجا جائعين. وقبل أن يجاوزا القرية, وجدا جدارًا يتداعى للسقوط ويكاد ينهار, فرفعه الخضر بمعجزةٍ له بيده ومسحه فاستقام واقفًا فاستغرب موسى وقال: " عَجَبًا أتجازي هؤلاء القوم الذين أساءوا اللقاء بهذا الإحسان, لو شئت لأخذت على فِعْلِك هذا أجرًا منهم نسدّ به حاجتنا ". فتيقّن الخضر أنّ موسى لن يستطيع بعد الآن صبرًا, قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا سورة الكهف, الآية 78[5], أما السفينة التي خرقها فكانت لمساكين يعملون في البحر فيصيبون منها رزقًا، وكان عليهم ملك فاجر يأخذ كل سفينة سليمة تمرّ في بحره غصبًا ويترك التي فيها خلل وأعطال. فأظهر الخضر فيها عيبًا حتى إذا جاء خدام الملك تركوها للعيب الذي فيها، ثم أصلحها وبقيت لهم. وأما الغلام الذي قتله الخضر كان كافرا وأبواه مؤمنين وكانا يعطفان عليه، قال الخضر كرهت أن يحملهما حبّه على أي يتابعاه على كفره فأمرني الله أن أقتله باعتبار ما سيؤول أمره إليه إذ لو عاش لأتعب والديه بكفره ولله أن يحكم في خلقه بما يشاء. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وتحت الجدار كنْزٌ لهما, ولَمّا كان الجدار مشرفًا على السقوط, ولو سقط لضاع ذلك الكنْز أراد الله إبقاءه لليتيمين رعاية لحقّهما. ثم قال الخضر وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا سورة الكهف, الآية 82[6].
منقول للفائدة
ارجو التقييم