الاحد 4 نوفمبر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
بسم الله الرحمن الرحيم؟
النظر إلى المحرمات
ومع حلول فصل الربيع ، وعندما ترسل الشمس أشعتها الدافئة ، ويخرج الناس من منازلهم إلى المنتزهات ، وينتشر الناس في الطرقات ، من الرجال والنساء والبنين والبنات ، تعم الفوضى و تكثر المعاصي والآثام ، وأخص اليوم بالذكر " معصيةَ النظرِ إلى المحرمات " .
أيها الأة المؤمنون :
النظر إلى المحرمات فتنة مدلهمة ، وخطر عظيم ، وداء جسيم ، ومن خلاله يدخل الشيطان إلى الإنسان ، ويزين له المعصية ، ويحثه على ارتكاب الذنوب .
النظر إلى النساء :
النظر إلى النساء، فتنة عظيمة ، ومصيبة كبيرة ، وشر مستطير، وبلاء خطير ،
قال ابن القيم : " والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان " .
قال الفخر الرازى : " النظر بريد الزنا ورائد الفجور " .
ويرحم الله من قال :
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاها*** فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والعبد ما دام ذا عين يقلبها *** في أعين الغيد موقوف على خطر
يسر ناظره ما ضر خاطره *** لا مرا بسرور عاد بالضرر
لذلك أمر الحق سبحانه عباده المؤمنين بغض البصر في سورة النور
والتي حرمت في مطلعها " جريمة الزنا " و بينت فضيعة هذه الجريمة ،
وكأنه تبارك اسمه حفظاً وصوناً من أن يقع الإنسان في الزنا المحرم ، والعار المحتم ، يحذر عبادة من اطلاق البصر فقال الآية (30) من سورة النور :
( قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) .
يقول ابن كثير: " هذا أمر الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم ، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه " .
وتأمل أخي المؤمن : كيف بدأ بالأمر بحفظ البصر ثم أتبعه بحفظ الفرج ؟
قال الإمام القرطبي في تفسيره : " وبدأ بالغض قبل الفرج لأن البصر رائد للقلب كما أن الحمّى رائدةُ الموت " .
ومن هنا كان التعبير القرآني في سورة الإسراء بقوله تعالى : ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) ،
فالقرآن يحذر من مجرد مقاربة الزنا . توقيا للوقوع فيه . .
فيحرم النظر ، ويحرم الخلوة ، وينهى عن التبرج بالزينة ......
كل ذلك تجنباً من أن يقع الإنسان في الحرام .
وعبر بقوله ( مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) لأن النظر قد يسرق صاة في المرة الأولى ،
فلذلك قال اليب المصطفى صلى الله عليه و سلم ، فيما رواه الإمام أحمد وأبوداود وهو حديث حسن .
( يا علي !! لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى و ليست لك الآخرة ) .
قال ابن الجوزي : " وهذا لأن الأولى لم يحضرها القلب , ولا يتأمل بها المحاسن , ولا يقع الالتذاذ بها , فمتى استدامها مقدار حضور الذهن كانت كالثانية في الإثم " .
( ذلك أزكى لهم ) أي: أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم ،
قال ابن تيمية: فجعل سبحانه غض البصر وحفظ الفرج هو أقوى تزكيةٍ للنفوس .
فغض البصر يورث القلب نوراً وإشراقاً ، يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح،
ولهذا قال ابن القيم : ذكر سبحانه آية النور في قوله ( الله نور السموات والأرض ) عقب قوله : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم )
فمن غض بصره نور الله تعالى قلبه ...
أيها الأة في الله تعالى :
ولما كان النظر المحرم له مآثرة الخطيرة ، كان لغض البصر فوائدُ كثيرةٌ ،
ذكرها الإمام ابن القيم الجوزية، في كتابة روضة المين :
الفائدة الأولى : إذا غض الإنسان بصره تخلص من ألم الحسرة في القلب :
فالعين مرآة القلب، وإطلاق البصر يورث المعاطب، وغض البصر يورث الراحة؛ فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته ، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته ،
الفائدة الثانية : إذا غض الإنسان بصره أورثه الله تعالى صحة الفراسة في عقله .
فإنها من النور ، وإذا استنار القلب صحت الفراسة بإذن مولانا الغفور .
والله سبحانه وتعالى يجزى العبد على عمله بما هو من جنسه، فمن غض بصره عن المحارم عوضه الله سبحانه وتعالى إطلاق نور بصيرته .
الفائدة الثالثة : إذا غض الإنسان بصره أورثه الله تعالى لذة العبادة وحلاوة الطاعة .
وقد أورد الإمام أحمد في مسنده : عن أبي أمامة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ، ثم يغض بصره، إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها " .
وأخرج الحاكم عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" النظرة سهم من سهام ابليس مسمومة فمن تركها من خوف الله أثابه ايمانا يجد حلاوته في قلبه " .
أيها الأة في الله تعالى : إذا كانت هذه هي ثمرات غض البصر
فما هي الوسائل المعينة على غض البصر؟
الوسيلة الأولى: إذا نظرت نظر الفجأة فاصرف بصرك :
فقد جاء في صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله البجلي قال سَأَلْت رَسُول اللَّه عَنْ نَظْرَة الْفَجْأَة, فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِف بَصَرِي .
قال النووي في شرح مسلم وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ , وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال , فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ , وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث .
الوسيلة الثانية : أن يتجنب الإنسان الجلوس في الطرقات:
ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إياكم والجلوس في الطرقات ! ) قالوا : يا رسول الله ، ما لنا من مجالسنا بد ، نتحدث فيها .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإذا أبيتم إلا المجلس ، فأعطوا الطريق حقه ) قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال : ( غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ) .
الوسيلة الثالثة : المراقبة للذي ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ ) .
قال ابن عباس: ( هو الرجل ينظر إلى المرأة فإذا نظر إليه أصحابه غضّ بصره , فإذا رأى منهم غفلة تدسس بالنظر, فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره ) .
قال تعالى : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) .
و من الغريب أن كثيراً من الناس ، تخندقت أنفسهم في ائل الشيطان ،
ويريدون شفاءً من هذا المرض العضال ، كحال من قال :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس
لا بد إذاً من أخد هذه الأسباب ، عل الله تعالى أن ينجينا يوم الحساب
فمن أخذ بهذه الكلام ، نجى ورب الكعبة يوم الزحام :
هذا هو المرض وهذا شفاؤه اللهم أشهد أني قد بلغت !!!
توقيع العضو : عبدالناصر خليفه |
|